بسم الله الرحمن الرحيم
الايبيجينيتك أو الوراثة
فوق الجينية تعني الصفات الموروثة عبر سلسلة من الانقسامات الخلوية ومن جيل الى
اخر دون حدوث تغير في تسلسل لبنات الدنا- DNA. الايبيجينتكس هو علم دراسة التغيرات الموروثة في تركيب ووظيفة
الخلية او العضو وفي وظيفة ومظهر الفرد ككل دون احداث تغير في ترتيب لبنات المادة
الجينية. ان التغيرات الايبيجيينتكية تمنع الجين من التعبير عن نفسه او تحور
الطريقة التي يعبر عن نفسه دون احداث تغير في تسلسل ال DNA فيه.
يضيف علم الايبيجينتكس مستوى جديد ومهم
لفهمنا للوراثة وتاثير البيئة على الانسان وسبب الاختلاف بين البشر. ويشير بان بعض
الامور في حياة البشر مثل نوع وكمية التغذية والقلق والتعرض الى السموم وامور اخرى
كثيرة يمكن ان يكون لها تاثير على الكائن الحي تورث من جيل الى جيل اخر (الحوار المتمدن).
يقول موقع Live Science في مقال جديد على
لسان العلماء أن الوراثة فوق الجينية يجب ان توسع فهمنا لعملية الانتقاء الطبيعي،
بمعنى آخر هي ستعطي نظرية تطور جديدة بكل تأكيد، وتؤكد مجلةNature هذا الكلام حيث بدأ العلماء يفترضون التأثير القوي للوراثة فوق الجينية Epigenetics وللعلم
المقالات كلها من عام 2013. هذه الدراسات تُخبِئ مفاجئة جديدة للتطوريين.
لم تعطي الدراسة الحديثة حول التعديلات على المناطق المتشابهة في الحمض النووي بين الإنسان وثلاثة أنواع من القرود بواسطة الوراثة فوق الجينية صورة مختلطة كلياً حول التطور فقط، بل أعطت صورة مقلوبة بشكل كلي (مجلة Nature 2013).
تعديلات الوراثة فوق الجينية عبارة عن
"بطاقة كيميائية" تم اضافتها على طول الكروموسومات بأنماط محددة والتي
تتحكم بكيفية تعبير الجينات. حالياً، اثنا عشرة نوعاً من التعديلات المنظمة
للجينات في بروتينات الهستون التي تقوم بترزيم جزيئات الحمض النووي، تم توثيقها
بشكل جيد في الجينوم البشري. (مجلة Nature 2012). بالإضافة للتعديلات على الهستون، فإن الحمض
النووي بنفسه يمكن أن يُعلّم بواسطة مجموعات الميثيل على قواعد نيوكليوتيدات
السيتوزين. ولهذا فإن توافقية شفرة الوراثة فوق الجينية معقدة إلى أبعد حد، ولكنها
مفتاح لفهم كيفية عمل الجينوم.
بينما تكون شفرة الحمض النووي متقاربة
جداً في كل الخلايا في جسم الإنسان، إلا أن شفرة الوراثة فوق
الجينية وأنماطها تختلف اعتماداً على نوعي الخلية والنسيج (مجلة Nature 2012). ولأن أنماط الوراثة فوق الجينية تتحكم بكيفية تعبير
الجينات في الخلية، فإن التطوريين مهتمون بمقارنة هذه الأنماط بين الإنسان والقردة لفحص
التماثلات والاختلافات. والمثير للاهتمام، إن دراسة مقارنة الوراثة فوق
الجينية والتي تم نشرها بواسطة العلماء التطوريين، تناقض بشكل كامل الشجرة المعايرية
المستدل عليها لتطور الإنسان – القرد.
في هذه الدراسة، فحص الباحثون أنماط ميثيلية
الحمض النووي في خلايا دم الإنسان، الشمبانزي، الغوريلا، والأورانجاتان (مجلة 2013 Nature).
وقد ركزوا على المساحات للكروموسومات 21 و 22 عالية التشابه جينياً للإنسان
والقرود. لم يتم مقارنة المناطق المختلفة كثيراً بين الكروموسومات نظراً لشدة
التشابه (أكثر من 98.9% تطابق). ولهذا فإن هناك مناطق
متشابهة جداً على تلك الكروموسومات وأخرى مختلفة. ومقارنة الوراثة فوق الجينية،
مثل الكثير من الدراسات التطورية على الحمض النووي، يمكن أن تتم على المساحات بين
الكروموسومات التي تتشابه بشدة. طبعاً حتى لا يتهمنا أحدٌ بالتدليس أو باستخدام مصادر خلقية، فليعلم أن هناك بحوث بواسطة الخلقيين أثبتت تشابهات أقل من التشابه أعلاه بكثير، حيث كان معدل التشابه هو 70% على هذا الرابط.
في الدراسة في مجلة Nature، ستة عشرة منطقة مختلفة تم
تعريفها على أنها أظهرت اختلافاً قوياً في أنماط الميثيل بين الإنسان والشمبانزي.
تم اختيار هذه المناطق لمقارنة أعمق مع الغوريلا والأورانجاتان. كانت المناطق
أيضاً مختلفة بشدة بين الإنسان والقردة الأخرى، ولكن ليس بالمستويات والانماط التي
يمكن أن يتوقعها أحدٌ ما بناءً على التنبؤات التطورية.
عندما استخدم الباحثون معلومات ميثلية
الحمض النووي من المناطق الستة عشرة لتشكيل الشجرة التطورية، كانت الشجرة معكوسة
أو مقلوبة كلياً بالمقارنة مع الترتيب الشائع المتعارف عليه لتطور القردة إلى بشر
(أنظر الشكل في الأسفل). فالأورانجاتان والتي تم افتراضها على أنها الأقل تطوراً
بين القرود قياساً بالإنسان، أظهرت أنماط مثيلية الحمض النووي مشابهة للإنسان أكثر
من الشمبانزي والغوريلا! وإذا كان هذا ليس كافياً، كانت الغوريلا في المرتبة
الثانية في الشبه مع الإنسان، والشمبانزي في المرتبة الأخيرة! وحسب التنبؤ
التطوري، فإن الشمبانزي يجب أن يكون الأكثر شبهاً للإنسان، ثم الغوريلا، وفي
الأخير الأورانجاتان.
الشجرة المتعارف عليها عند التطوريين
الشجرة الناتجة من الوراثة فوق
الجينية
لماذا الاهتمام بهذه الدراسة؟ لأن نتائج هذه الدراسة بالذات مثيرة للاهتمام لأنها تتحدى جميع التوقعات في الصندوق
الفكري والإطار التطوري، فقد قامت حرفياً بقلبه رأساً على عقب مظهرةً أنه نموذج
غير معصوم لأصول الإنسان.
*ملاحظات:
1) ميثلية الحمض النووي: DNA Methylation.