الخميس، 12 سبتمبر 2013

أخطاء مشتركة وجين مكسور، تطور أم تصميم؟

بسم الله الرحمن الرحيم


لدينا إطارين فكريين للنظر إلى كيفية نشوء هذه الحياة: 
1) التطور.
2) التصميم الذكي.

الأول (أي التطور) هو ما يحاول أبناء داروين فرضه علينا كحقيقة علمية واضحة، والثاني (أي التصميم الذكي) هو ما نحن أن نظهر حقيقته الجليّة بعيداً عن ادعاءات الماديين. 





لقد قامت محاكمة بين التطوريين وأنصار التصميم الذكي في الولايات المتحدة، من أجل اقرار تدريس التصميم الذكي فيها كنظرية علمية، ولكن للأسف مُنيَ فيها انصار التصميم الذكي بسبب الأخطاء المشتركة ومنها تعطيل جين Gulo الخاص بتكوين فيتامين سي. والفكرة هي أن هناك "أخطـاء" و "تعطـيل" في النظام الجيني للإنسان، وهي مشتركة مع كائنات مثل الشمبانزي والغوريلا. وطِبقاً لهم: هذه الأخطاء لها تفسير واحد لوجودها، وهو أن هناك أصلاً مشتركاً بين تلك الكائنات. اليوم سأقيم محاكمة نحتكم فيها إلى آخر البحوث المنشورة في أعرق المؤسسات البحثية في العالم! لنبدأ بسمه تعالى.





بناء هش أم حقيقة عِلمية؟

حقيقة الأمر، ان التطور حتى يتم إثباته يجب أن يتم تعطيل الجينات في الإنسان، وتتكرر الطفرات بلا سبب، وأن تتعطل الأعضاء الداخلية مثل الزائدة الدودية، وهكذا دواليك. فهو مفهوم يقوم على أساس أن التطور ينتخب الأفضل، وأن ما لدينا هو "بقايا" من أسلاف مشتركة، ونحن نقوم بتطوير تراكيب جديدة (وهذا موجود علمياً وعملياً ويعرف بالتكيف) ولكن هذه التراكيب تنتقل لمخلوقات تتحدر منا كما انتقلت تراكيب من تلك الأسلاف في الماضي. وفي يومنا هذا، وحتى يتم إثبات التطوّر كما أوضحنا، يجب أن نعزز تلك التشابهات التشريحية وانتقال التراكيب، بأدلة من مثل الجينات.




ولهذا فإن التطوريين يركزون على مفاهيم من مثل الجينات الزائفة والأخطاء المشتركة كدليل حتمي لا يمكن تفسيره إلا بالتطور، بل اعتبروه قُدس الأقداس وكأس الحقيقة التي ينهل منها العلم المادي في إثبات عقيدته التطوّرية. لربما، يعتبر التطوريون الجين الزائف Gulo، هذا الجين المعطّل في الرئيسيات (القردة العليا) والذي جعلنا لا نستطيع انتاج فيتامين C ، يعتبرونه رصاصة الرحمة التي قتلوا بها المنادين بالخلق والتصميم الذكي (أي نحن)، ولكن آخر البحوث أثبتت وبحقيقة صارخة أن هذه الحِجّة ليست سوى كلام أتى مبكراً بحكم مسبق مبني على اعتقادات معينة، ألا وهي أن الجينات الزائفة مثل Gulo عبارة عن نفايات جينية مكسورة، أي إنها "بقايا" من أسلاف سابقة. 



بينما لو نظرنا للأمر من زاوية التصميم الذكي، سنرى أن لهذا الجين دوراً، وأي دور! دورٌ مخفي، يظهر بشكل جلي ونحن "أجنّة" لا نعلم شيئاً. تذكروا، فكلّ قوي للزمان يلين، والعلم المادي لا يجب أن يقوم على الجزم، بل على التشكك. ونحن مناصري التصميم الذكي نؤمن بأن كل تعطيل وتشغيل هو "تصميم" ويخدم هدف واضح، عكس التطوريين.




كسر العقيدة التطوّرية:

1. هل تعطيل تصنيع فيتامين C أو حمض الأسكوربيك يفيد الإنسان؟  أول بحث تم نشره في عام 1982 حيث تم التصريح فيه بالآتي:







من المقترح أن خسارة قدرة الإنسان على تصنيع "حمض الأسكوربيك" (وهو نفسه فيتامين C) حسم بشكل ملحوظ فرص النجاة للإنسان الأول الذي عاش في بيئات تم اجتياحها بالملاريا.

لربما سيقول التطوروين: تم التعطيل ببساطة لأنه مفيد لنا، ولكن في الحقيقة هذا التعطيل خدم هدفاً واضحاً، ومع ذلك فإنه يبقي للتطوريين حجة علينا. ولهذا سننتقل للحجة الثانية: الأخطاء المشتركة.

2. الأخطاء المشتركة: الجين Gulo في الجرذان فعَال، فهي تنتج فيتامين C ولكنه في الرئيسيات وخنزير غينيا عبارة عن جين زائف Pseudogene فيُسمى بـ Gulop وفي الأسفل صورة توضح هذا الجين:


وهذه صورة صديقنا الجديد: خنزير غينيا





من خلال فهمنا لنظرية التطوّر يظهر الآتي:
هناك أخطاء مشتركة بين الإنسان وخنزير غينيا في المناطق المرقمة IV إلى VII، وتجدون هذه الأرقام في الصورة أعلاه فوق جين الجرذ Rat GULOP gene. هذه طفرات الحذف لا يمكن أن يفسرها الأصل المشترك لعدم وجوده بشكل قريب مع الرئيسيات. لاحظ هذه الصورة:


والموضوع في مدونة نظرية التطور وحقيقة الخلق يناقش هذا التفصيل بإسهاب ويوضح إشكالية فكرية عميقة تتمثل حتى في معدل الطفرات، فالكائنات ذات العمر الطويل نسبياً مثل الإنسان والقردة، كيف تمتلك طفرات مقاربة لكائنات ذات عمر قصير مثل خنزير غينيا؟ للمتخصصين فقط، اضغط على إسم الموضوع أدناه للتوسع والتعمق:

والمصادر موجودة في داخل الموضوع. 

والصورة التالية تلخص الكلام بشكل جلي وبسيط، كل ما أستطيع قوله: فضيحة!



3. غياب الوظيفة، وما أدراك ما غياب الوظيفة، فالجين الزائف بلا وظيفة على ما يبدو حسب التطوريين، ولقد أوضحنا مسبقاً زيف هذا الكلام في مقالنا: الجينات الزائفة، فضيحة فكرية. ولكن قد يأتينا "تطوري ظريف" ذو علمٍ واسعٍ ويقول: ولكن الجين معطّل! الجواب: كلامك مجرّد افتراض "مبطّن" فكما أظهرت البحوث دور الزائدة الدودية في الأجنة البشرية والبالغين الشباب حسب Scientific American، فلهذا الجين وظيفة مخفية هي الأخرى! كيف نستنتجها؟ 




ببساطة فقد وجد العلماء أن الجين الزائف Gulo يتم تفعيله بواسطة "تحرير الـRNA أي RNA-Editing، وتوالت الاكتشافات حتى عام 2013، حيث تم إثبات أن الجين Gulo لدى البشر لديه دور تنظيمي خاص بتنظيم التعبير الجيني. وهناك إشارات لعمله في الأجنة البشرية نظراً لارتفاع تراكيز فيتامين C فوق المتوقع بوجود مصدر خارجي لهذا الفيتامين، فكيف نفسر وجود التركيز العالي؟ لابد من أن هناك فعالية ما، ومن المحتمل أن تكون فعالية هذا الجين "الزائف". وهذا الكلام موجود بشكل مفصل وموسع في موضوع التالي:


وبهذا فقد هاجمنا الموضوع من ثلاث أبواب:
1) الأهمية للبقاء.
2) الطفرات والتشابهات.
3) وجود وظيفة. 

فخلاصة كلامنا: أننا لا يمكن أن نعتبر الجينات الزائفة "زائفة" ولا يمكننا أن نعتبرها أصلاً دليلاً على الأصل المشترك، لأن ما يميزنا عن القردة الأخرى هي تلك المناطق التي لا تنتج "بروتينات" ولقد أشرنا لهذا في مقال "لماذا أرفض التطور"، حيث المناطق التي لا تشفر الحمض النووي هي التي جعلتنا بشر حسب موقع ScienceDaily، ولا يمكنني أن أنظر للموضوع كنشوء تنظيمات فحسب، بل تلك الخلافات ستمتد لمفاهيم أعمق لا يمكن تفسيرها سوى بالتصميم الذكي، لا التطفر العشوائي والتطور الدارويني.