الأربعاء، 22 يناير 2014

الأخلاق بين مفهومها في الإلحاد وحقيقتها

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخلاق، ومشكلتها الأزلية بين الملحد والمؤمن.
في نقاشنا اليوم، لن نتكلم في أصلها وسببها، بل سنتكلم من باب أننا نمتلك أخلاقاً، وسنبين أن الملحد لا يعلم أصلاً ما الذي يقصده بالأخلاق.
وسنظهر أكثر بأن الأخلاق ليست تلك الكلمة البسيطة، بل هي عميقة أكثر مما يتصوره حتى الملحد.
والسؤال القوي الذي أجابه علي عزت بيجوفيتش حول أخلاقية الملحد وعدم أخلاقية الإلحاد، يبقى جوابه صامداً.
اليوم سنتكلم عن الملحد لا عن الإلحاد.
قراءة ممتعة.




الأخلاق لغة
والخُلْق والخُلُق: السَّجِيّة.
المعجم: لسان العرب

الأخْلاَقُ - أخْلاَقُ :
الأخْلاَقُ الأخْلاَقُ ( علم الأخلاق ) : علمٌ موضوعُه أحكام قِيمِيّة تتعلَّق بالأعمال التي تُوصَف بالحُسْن أو القُبْح .
المعجم: المعجم الوسيط

خلق - و خلقج ، أخلاق :
1 - خلق : سجية . 2 - خلق : طبع . 3 - خلق : مروءة . 4 - خلق : دين . 5 - خلق : عادة .
المعجم: الرائد

وتعرف الأخلاق بالإنجليزية بـ Ethics و Morals، ولأن اللغة الإنجليزية لغة عملية جداً فلا تتوقع أن يكون لدى الكلمتين نفس الاستخدام، والجدول التالي يبسط المسألة كثيراً في توضيح الفروق.



وجه المقارنة
Ethics
Morals
ما هنّ؟
قواعد للسلوك معروفة بالنسبة لفئة معينة من الأفعال الإنسانية أو معروفة بالنسبة لمجموعة بشرية ما أو ثقافية، إلخ. وهي توضح كيفية ترتيب الأشياء حسب القواعد والقوانين.
أساسيات أو عادات بالنسبة لما يُعتَبر صحيح أو خطأ. وهي تقوم بتعريف الكيفية التي يجب أن تعمل عليها الأشياء حسب مثاليات الفرد وأسسه.
ما هو مصدرها؟
مصدرها خارجي – المجتمع.
مصدرها داخلي – الفرد.
لماذا نمارسها؟
لأن المجتمع يقول إن هذا التصرف هو الصحيح.
لأننا نؤمن بأن هذا الشيء هو الصحيح أو أنه خطأ.
ماذا يحدث إن لم نمارسها؟
سنتعرض لرفض المجتمع ورفض من الأفراد المشابهين لنا، بل حتى ربما نتعرض للطرد من الوظيفة.
يختلف الأمر من شخص لآخر، فمن يقوم بتصرف عكس نظامه الأخلاقي قد يشعر بالانزعاج وعدم الراحة بل يصل الأمر للاكتئاب أحياناً.
المرونة
تعتمد الـ Ethics على الآخرين بتعريفها، فهي تميل إلى أن تكون متسقة مع سياق معيّن ولكنها من الممكن أن تتنوع من مقام إلى آخر.
ربما يرتبط الشخص الأخلاقي بعهد علوي، فهو يختار أن يتبع قانوناً أخلاقيا ethical code كأن يتم تطبيقه على نظام ما.
الأصل
Greek word "ethos" meaning "character"
Latin word "mos" meaning "custom"
القبول
تخضع الـ Ethics لضوابط قانونية احترافية في زمان ومكان محدودين.
الـ Morality تميز معايير المجتمع.


وهذا موقع آخر  يشرح الفرق بين الكلمتين ويفيد بنفس النتيجة التي خلص لها الموقع الأول

ويضيف عليها التالي:
الـ Ethics هنّ عِلم الـ Morals والـ Morals هنّ ممارسة الـ Ethics. وهذه نظرة مادية بحتة حسب موسوعة ويكيبيديا. فالماديون أو الطبائعيون ينسبون الأخلاق للتطور وعلم الأعصاب والجينات، وفي نقاشنا هذا لن نقوم بالتعرّض إلى هذه الأمور لأننا سننطلق من مبدأ أن الأخلاق موجودة ولهذا يجب أن نتعامل مع الموجود وننتقد كيفية التفكير به.
ومن هنا تبدأ رحلة التفكير والبحث، وقبل أن ندخل في صلب الموضوع سأتجرأ وأقوم بترجمة كلمتي Morals و Ethics كالآتي:
Morals أخلاق ذاتية أو فردية.
Ethics أخلاق عملية.

اذاً أين المشكلة؟ هل هي مع الأخلاق الذاتية أم الأخلاق العملية؟ هل هي مع عادات المجتمع وتقاليده التي تندرج تحت قائمة الأخلاق الذاتية أم مع القوانين والأخلاق العملية؟ هل حصل لدى المسلم خلط واندماج بين الأخلاق الذاتية والأخلاق العملية؟ وهل الإنسان بشكل عام لا يميز بين هذين النوعين من الأخلاق؟ تلك أسئلة يجب أن نجيب عليها بشكل واضح وجلي.

مع مفهوم الخطيئة والمخطئ

هل تستطيع أن تميز بين الزنا والزاني؟ بين السرقة والسارق؟ بين الجريمة والمجرم؟ إن كان جوابك نعم فهذه الفقرة ستتحدث عن شيء أنت تعرفه ربما، وإن كان لا، فاقرأ معي بتمعن.
"الفاعل قد يتوب ويتغير، والفعل يبقى هو هو". فنحن نعلم علم اليقين أن باب التوبة مفتوح للشخص ما لم تصل الأمور إلى يد ولي الأمر أو القاضي فلا يملك إلا أن يحكم بحكم الله، أو بما نعرفه بالأخلاق العملية. فأين دور الأخلاق الفردية؟ دور الأخلاق الفردية هنا يؤسسه الدين والمجتمع بشكل واضح، فمن يمارس الزنا في مجتمعاتنا يعلم علم اليقين أن يخالف كلاً من الأخلاق الفردية والأخلاق العملية. وبالتالي فإن أتى شخص إليك وأخبره عن خطاياه فلا يجب أن تحكم عليه بالأخلاق العملية ولا بأخلاقك الفردية، ولكن عليك أن تتقبله رغم خطأه وتبين له أنه أخطأ ومجال التوبة والعودة والتغير موجود دائماً. وهذا بحث مختص في مجال القبول غير المشروط لمدمني الكحول والمخدرات وأمور أخرى كثيرة نعتبرها مشينة.

Hate the sin, love the sinner Gandhi quote

نعود، فما بال الملحد يتكلم بالأخلاق؟ لأن الملحد يؤمن بأننا لا نحتاج لمصدر علوي لمعرفة الأخلاق، بينما المؤمن يرى أن الأخلاق لها مصدر علوي. يرى الملحد أن الأخلاق نتيجة للتطور، بينما يرى المؤمن أن الأخلاق هبة من الله، وكليهما بغض النظر عن موقفها المسبق فهما يؤمنان باكتساب الأخلاق بكل وضوح، والاكتساب أي أن لها مصدراً وابتداءً بغض النظر عن طبيعة المصدر.

بعض التيارات الفكرية الإسلامية نفت أن يعرف الإنسان الأخلاق الفردية أو ما يعرف بالحسن والتقبيح العقليين فجعلت الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، وباقي التيارات تعترف بالحسن والتقبيح العقليين. بل حتى تأويل قوله تعالى: "فألهمها فجورها وتقواها" تتكلم بالبرمجة المسبقة لمعرفة الخطأ والصحيح، فالإلهام لا يعني الجبر ولكن يعني الإدراك والمعرفة.

إذاً إن قلنا بالتطور أو قلنا بالإلهام، فالإنسان قادر على معرفة ما هو صحيح وما هو خاطئ على مستوى حياته الفردية. هذه نتيجة سيسعد بها الملحد، ولكني أقول له: لا تفرح كثيراً فالآتي أعظم.

اذاً وكنقطة توضيحية يجب على الملحد أن يجيب على التالي:
أولاً ما هو قصدك بالأخلاق؟ هل تقصد بأنها الأخلاق على المستوى الفردي أم المستوى الاجتماعي؟ الأخلاق الفردية أم الأخلاق العملية؟ يجب أن تحدد.
ثانياً: مصدرية الأخلاق، ومن أين تأتي بمعيارك؟
ثالثاً: ماذا ستكسب من الأخلاق؟

وطبعاً سأتخيل هنا ملحد افتراضي (مبني على خبرتي الذاتية) وأتمنى أن يخرج لنا ملحد عملي لنناقشه فعلياً ونصل معاً لنتيجة ذات فائدة ومغزى. الملحد الافتراضي سيحاول التعرض للأسئلة والإجابة عليها.


ما هو قصدك بالأخلاق؟


عزيزي المؤمن، الأخلاق هي كل ما يساهم في رفاه وسعادة البشرية، فالأخلاق هي كل شيء جيد يجعلنا نمارس وجودنا بشكل أكثر فاعلية، وبالتالي فالعلم هو قمة الأخلاق لأنه حسن الوجود، ولا نتكلم عن تغيير مسار العلم في اتجاه الحروب بسبب مطامع شخصية، لأننا نؤمن بأن العلم أتى لتحسين ورفاهية البشرية.

تعليقي: كلام عزيزنا الملحد كمن يقول: الأنف مناسب لوضع النظارة عليه، فدوره ليس فقط الشم، بل دوره أن يسند النظارة. كلام متهافت قائم على النفعية والأنانية البشرية لا أكثر، فبأي حق يرى ملحدنا هذا أن الأخلاق هو كل ما يساهم في رفاه السعادة والبشرية؟ هذه كلمة عريضة لا معنى لها، وقد تعرضنا في مقال سابق لنا، إفناء البشرية كخيار إلحادي،ممكن أم لا؟ حول تبيان أن إفناء نصف البشرية سيكون عمل أخلاقي ذاتي بحت في سبيل اسعاد النصف الباقي. الأخلاق الذاتية لدى الملحد مرتبطة بالمصلحة لا أكثر ولا أقل.
وما بال الأخلاق العملية؟ الأخلاق العملية أتت لتنظيم الشعوب، فمثلاً عندما تضع دولة قانوناً منظماً للسير وتتم معاقبة الأفراد المخالفين لهذا القانون، فهل تحول القانون هنا إلى مقياس ذاتي أم لا يزال تابع للأخلاق العملية؟ هل تكره الشخص الذي يكسر الإشارة الحمراء؟ هل تتصور أن الذي يكسر الإشارة الحمراء على إنه شيطان؟ قد يكون أب محب وزوج مخلص وطبيب ناجح ولكن نظامه الأخلاقي الذاتي لا يجعله يحب التمسك بالإشارة الحمراء، وبالتالي فإن مخالفته للإشارة الحمراء ستكسر القانون الأخلاقي العملي لا أكثر، فهل يصح أن نصف كل شخص يكسر الإشارة الحمراء وهو يكرهها أصلاً باللاأخلاقي؟ هل مخالفة أخلاق المجتمع العملية تعني أن الشخص الفلاني لا أخلاقي؟ يجب أن ننظر للأمر بطريقة أعمق وأدق، وأتمنى منك ألا تأتي وتقول لي أن كسر الإشارة الحمراء فيه خطر على حياة الناس وحياته هو، وبالتالي فأنت يجب أن تحول المسألة من النظام الأخلاقي إلى النظام التوعوي بالمغبات. النقاش سيبقى دائري معك ما لم تحدد قصدك بالأخلاق.

مصدرية الأخلاق

عزيزي المؤمن، إن كنت تدعي أن الله هو مصدر أخلاقك فأنا أقول لك تباً لك ولإيمانك إن كان الإيمان هو السبب الكافي لجعلك أخلاقياً. مصدر أخلاقي هو تجربتي الإنسانية ومشاعري والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. من هنا تنبع أخلاقي.


تعقيبي:
لقد وقعت في خلط أيضاً عزيزي الملحد، فأنت لازلت لا تميز بين الأخلاق العملية والأخلاق الفردية أو الذاتية. فهل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أخلاق ذاتية أم أخلاق عملية؟ إن قلت ذاتية، فما بال البشر يخالفوه؟ وإن قلنا عملية، فهذا يوضح أن هناك مشكلة بالتطبيق، وفي كلتا الحالتين تجد أشخاصاً يعيشون بازدواجية معايير، فحتى وإن كانت القضية ذاتية فهي لا تزال تعاني من مشاكل لعدم تغلغلها في النفس الإنسانية.
أعلم ما ستقول، وسأطرحه قبل أن تقوله. العبودية، وأعلم إنك ستقول لماذا لم يحرّم الإسلام العبودية؟ يجب أن نتفق أن العبودية سابقاً كانت تتبع للأخلاق الذاتية أم الأخلاق العملية؟ فالعبودية كانت أمراً شائعاً، وللعلم هي لازالت شائعة ولكن بشكل آخر يختلف كلياً، فعبودية قرن العشرين تتمثل بنظام العمالة الآسيوية وتجارة البشر لأجل الجنس، ولعلمك، موجودة في أوروبا وأمريكا أيضاً. اذاً ما بال العبودية؟ قلت أنها كانت أمراً شائعاً وبالتالي فهي لا تخالف الأخلاق الفردية، فأتى الإسلام وقام بأمرين عظيمين:
الأول أنه جفف منابع الرق وحصره في مصادر قليلة.
الثاني أنه بدأ بزرع نظام أخلاقي داخلي بتحويل العبودية إلى حالة مرفوضة ذاتياً عن طريق تشجيع اعتقاد العبيد وإعطاء صفة الابن الحر لابن الأمة. فكانت خطوة كبيرة قبل 1400 سنة.
ثم أنك عزيزي الملحد قد تنسى أن العبيد هم القوى العاملة التي بنت الحضارات وأسست الأمم، ولم يكن سابقاً مثل في وقتنا الحالي نظام يتحكم بالعمل والأجور، هذه نُظمُ مستحدثة. لاحظ أننا لا نطالب بالعبودية، بل نتكلم بنسبية مقياس الأخلاق الفردية، والإسلام كان البادئ بهذه السياسة التي تحتاج لإصلاح بهدوء وروية، لأنك تنسى أن العبيد قوة واقتصاد وتجارة، فتوجيهات النبي (ص) كانت كالآتي:
هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم.
وقال (ص) أيضاً:
لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي.
بل السير التاريخية تشهد بأنه قد حرر عبيده كلهم أو أغلبهم ولك أن تراجع هذا الأمر، وللرسول فينا أسوة، فهل من متأسي آنذاك؟ نعم ستجد، ولكن كما أسلفت، العبيد قوة اقتصادية وتجارية ولا يمكنك إزالة نظام له مريديه وأتباع وراغبين.
أعلم أعلم، ستقول لي أن الإسلام اذاً اتبع المصلحة أو فشل في وضع الحل، فسأقول لك كالآتي:
الإسلام وضعنا على الطريق الصحيح، ولدينا إشارات تاريخية واضحة بأن الاعتاق في سبيل الله مرغوب، وبالتالي فإن من لم يعتق العبيد فهو لا يزال يحتاج تواجدهم في حياته ويرغب بهم، ونعم، هناك أخطاء ومشاكل، والمشاكل سببها بسيط: الرغبة بتملك العبيد، فلم يتحول كره العبودية لخلق ذاتي حتى نكرهه. وبالمناسبة، هذا الأمر يطيح بفكرة أننا بذاتنا يمكننا معرفة الصواب من الخطأ، وبالتالي فإن الصواب والخطأ سيكونان مربوطان بالظروف ومرهونان بها. جميلة هذه النتيجة.
ولا أظنك لو ولدت قبل 1400 سنة في زمن المشركين، وأنت كافر بمحمد، ودهري، لا أظن أنك ستكون من مستهجني العبودية اطلاقاً فهو نظام أخلاقي عملي مستحدث لا أكثر ولا أقل.

وكل هذا، ولم أقم بإجابتك عن سؤال: مصدرية الأخلاق، فنحن المسلمين نقر بأن هناك مصدرية أخلاقية سماوية وهناك مصدرية أخلاقية اجتماعية وهناك مصدرية أخلاقية فردية. ونقر أيضاً بأن الأخلاق السماوية قسم منها يختص بالأخلاق العملية وقسم منها يختص بالأخلاق الفردية. فالدين الإسلامي أتى لتحسين ربط الفرد بالمجتمع، فالفرد المسلم لديه قانون داخلي يلتزم به وفي ذات الوقت لديه قانون عملي يلتزم به ايضاً أعجبه أم لم يعجبه. وبالتالي فالإسلام جمع بين الأخلاق الذاتية الفردية والأخلاق العملية.

وأنت ما هي مصدرية أخلاقيتك؟
إن كنت ترفض الزنا وشرب الخمر فمصدرية أخلاقيتك هي المجتمع الإسلامي الرافض للإباحية والرذيلة. وإن قلت بأن مصدرية أخلاقيتك هي لا ضرر ولا ضرار، بالتالي فأنت تؤمن بالأخلاق العملية لا أكثر، وما يخصك فهو من شأنك وهذه نسبية. نعم، من لا يكذب ولا يسرق ويؤدي الأمانة فهو يمارس أخلاق عملية بحتة بغض النظر عن نظامه الداخلي.
وأنا متأكد من أن نظامك الأخلاقي نسبي وسيتأثر بالمجتمع وبالتالي فإن أخلاقك الذاتية هي الأخلاق العملية لا أكثر.

ماذا ستستفيد من الأخلاق؟



عزيزي المؤمن، الأخلاق ضرورية لنمو وتحسن المجتمع وبدونها سينهار المجتمع، وبالأخلاق سنكون أكثر سعادة وأكثر راحة. وسؤالك لا معنى له بكل تأكيد.



تعقيبي:
نعم عزيزي، سؤالي فعلاً لا معنى له وفق القوانين المادية لأن الأخلاق ضرورية لنشوء المجتمعات، ولكنك لم تفهم هذا السؤال جيداً، وحتى تفهمه سأطرح عليك إشكالية تقليدية تعاني منها:
عزيزي الملحد، لماذا لا تمارس الجنس مع محارمك؟
جوابك: إن كان دينك هو ما يمنعك فأنا أخلاقي تمنعني.
وبالتالي فأنت تدور وتدور حول نفس النقطة، الأخلاق. ولم توضح لنا ما هي الأخلاق التي تقصدها؟ الأخلاق العملية أم الأخلاق الفردية؟ ماذا لو كنت في دولة لا ترى في جنس المحارم مشكلة وبالتالي فالأخلاق العملية لا تمنعه، فهل سيكون العمل هذا أخلاقي؟ إن قلت نعم فقد وافقت رأيي، وإن قلت لا، فانظر إلى مسألة الأنانية وعدم شعورك بالسعادة، فالتزامك بالأخلاق هنا نابع من عدم شعورك بالراحة والسعادة لا أكثر ولا أقل.

ماذا عنا نحن المؤمنين؟ قام الإسلام بترتيب أثر على الأخلاق العملية والذاتية، بأن جعل للملتزم الجنة، وبالتالي فإننا كمسلمين وبالإضافة للشعور بالسعادة، فلدينا هدف عملي بحت ألا وهو الجنة. فهل في هذا مشكلة؟ ستقول: أنا أمارس الأخلاق دون الرغبة بالجنة، وجوابي: تمارسها حتى تشعر بالسعادة والرضا لا أكثر.


خاتمة

نعم، لقد عرضت الموضوع بشكل مبسط وواضح، وبينت أن الملحد لا يميز بين الأخلاق العملية والأخلاق الذاتية، وهو يخلط بينهما خلطاً شنيعاً. وبينت أيضاً أن الإسلام أتى وأسس لنوعي الأخلاق، وبالتالي فالإسلام هو دعامة أخلاقية فردية اجتماعية.