بسم الله
الرحمن الرحيم
لا أعرف لم يقحم أنفسهم أتباع الفكر المادي في الفرضيات العقلية فقط لاثبات أمرٍ خارج حدود العقل البشري مثل قضية وجود الكون!
اليوم نتكلم أكثر في هذا الموضوع وسنبدأ بتوضيح بعض المصطلحات العريضة لمن يتكلمون في هذه القضية الجوهرية.
لربما أفضل ما يمكن أن نقوله:
كذب الكذبة وصدّقها
يتكلم الملحد
كثيراً عن الكون والوجود فيقول إن الكون عشوائي أو فوضوي. ما أراه هنا عبارة عن
استغلال للمصطلحات العلمية وتشويه للحقائق العلمية. وقبل أن نخوض في مسألة تنظيم
الكون، يجب علينا أن نقوم بتعريف ثلاثة مصطلحات تهمنا في فهم اللغة العلمية والتي
يستخدمها الملحد.
Arbitrary
اعتباطي
Not
planned or chosen for a particular reason; not based on reason or evidence.
Chaotic
فوضوي أو
شواشي
Chaos: The inherent unpredictability in the behavior of
a complex natural system (as the atmosphere, boiling water, or the beating
heart)
1. Often Chaos; the
disordered state of unformed matter and infinite space supposed in some
cosmogonic views to have existed before the ordered universe.
Cosmogonic:
خاص بنشأة الكون
2. Mathematics A dynamical system that has a
sensitive dependence on its initial conditions
Random
اِتّفاقِيّ
, اِعْتِباطِيّ , جُزَافِيّ , طائِش , عَرَضِيّ , عَشْوائِيّ
Random:
without definite aim, direction, rule,
or method.
حالياً هناك إقرار علمي بأن الكون قائم على مجموعة من
الثوابت الفيزيائية الدقيقة، وهذه الثوابت مقاسة بدقة عالية تصل فيها درجة
اللايقين إلى واحد من مئة مليون، لاحظوا معي الجدول التالي:
ولنأخذ على سبيل المثال الثابت G،
أي ثابت نيوتن للجاذبية، فدقة القراءة هنا تصل إلى واحد من عشرة آلاف، وبالتالي
فالمرتبة الخامسة ستكون دقيقة ولكن عدم اليقين سيدخل في المرتبة السادسة بعد
الفاصلة، وفي هذه الحالة (80) كما هو ظاهر بالجدول. اللايقين تابع لطريقة القياس هنا ولا يعني أن
القيمة تقفز أو تتغير، والقياس علم قائم بحد ذاته، ونحن ندرك أن العقل المادي يخضع
للقياس، وعلى ما يبدو أن القياسات تخبرنا أن الكون "دقيق".
حتى ليونارد
ساسكند Leonard Susskind
قال في مقابلة تلفزيونية حول كتابه الجديد The Cosmic Landscape:
"The
[universe] is truly an incredibly fine-tuned place."
وبالتالي فإن
كلمة أن الكون عشوائي او شواشي لا تستطيع وصف حالة الكون حالياً بأي شكل من
الأشكال، ولهذا فإن الأنظار قد امتدت إلى نشوء الكون وبداياته ولذلك فإن كل اللغط
هناك. الجميع يفترض أموراً كثيرة لتفسير التنغيم الفائق للكون، وكلٌّ يدلي بدلوه.
تقول موسوعة
ويكيبيديا حول مسألة التنغيم الدقيق للكون التالي:
There are fine tuning arguments that are naturalistic.
As modern cosmology developed, various hypotheses have been proposed. One is an
oscillatory universe or a multiverse, where fundamental physical constants are
postulated to resolve themselves to random values in different iterations of
reality. Under this hypothesis, separate parts of reality would
have wildly different characteristics. In such scenarios, the issue of
fine-tuning does not arise at all, as only those "universes" with
constants hospitable to life (such as what we observe) would develop life
capable of contemplating the question of the origin of fine-tuning.
توجد حجج
طبيعية (أي تعتمد على الفكر المادي) حول التنغيم الدقيق. مع تطور علم الكون
الحديث، تم اقتراح فرضيات متعددة. أحدها وهي الكون المهتز أو الكون المتعدد، حيث
تم افتراض أن الثوابت الفيزيائية الأساسية تحلل نفسها إلى قيم اعتباطية في تكرارات
مختلفة للواقع. تحت هذه الفرضية، أجزاء منفصلة من الواقع يمكن أن تمتلك خواصاً
متباينة بشكل واسع. وفي مثل هذه السيناريوات، فإن قضية التنغيم الدقيق لن توجد
أصلاً، لأن فقط تلك الأكوان التي تحوي الثوابت القابلة المضيفة لحياة (كما نلاحظ) ستطوّر
حياةً قادرة على التفكير في السؤال حول التنغيم الدقيق.
خلاصة
الكلام: أن العلماء قاموا بوضع فرضيات مادية للتخلص من مسألة التنغيم الدقيق، هذه
الفرضيات تقوم على أساس أن كوننا واحد من عدد كبير من الأكوان، وأن الثوابت
الفيزيائية الدقيقة التي أنشأت الكون وكوّنت الحياة هي نتيجة الصدفة والاحتمالات
لا أكثر. وبالتالي فإن أي ملحد، أو لا أدري، يناقشك بهذا الكلام، تذكر جيّداً بأن
كل كلامه فرضيات، وبالتالي فإن فرضية فاعل خارج الزمان والمكان تبقى صالحة وقوية.
ربما يحتج ويقول أين الدليل، ولكنه يتناسى أن كل الكلام أعلاه عبارة عن "فرضيات".
اذاً ما
مشكلة الملحد؟ الملحد يقول إن أحداث الكون تحدث بلا سبب، وكلامه بصراحة غير دقيق
بالمرّة، وحتى أوضح لكم أين المشكلة في كلامه افترضوا معي أن الكون عبارة عن آلة
خلقها الخالق وتركها تعمل، أي لا يتدخل بها. هذه الفرضية تفيدنا كثيراً لأنها جعلت
الخالق عبارة عن علّة لوجود الكون لا أكثر، وبهذا فالكون يعمل تلقائياً وفق
القوانين الفيزيائية.
إن عمليات
انحلال الذرات اشعاعياً هي عبارة عن إصدار الطاقة والمادة من الذرات غير المستقرة
للوصول إلى حالة الاستقرار. وبالتالي فإن هذه العمليات التي يقول عنها الملحد أنها
اعتباطية ليست اعتباطية ابداً، لأنها حدثت بسبب غياب الاستقرار الداخلي للذرة،
وبالتالي فإن الملحد يقصد أن هذه الأحداث لم تحدث بسبب مؤثر خارجي (كالخالق مثلاً)
وهي عملية طبيعية 100%. وهنا عين المشكلة، فالماديون يكتفون بالعلل المادية، ولهذا
فإن نقاشنا مع الماديين يجب أن يكون أنطولوجياً (وجودياً) حتى نثبت أن الكون حادث
وغير مكتفي بنفسه.
وفي نقطة
أخيرة، هل تعلمون أن الطاقة الصفرية للكون خدعة رياضية؟ نعم، فهناك ورقة بحث علمي
منشورة تقول الآتي:
In some cases the total energy is
indeed zero confirming previous results but in other cases the total energy is
nonzero. So Rosen’s idea that the pseudotensorial calculations will lead to the
result that the total energy of the universe is zero, is very much model
dependent.
في بعض الحالات، فإن الطاقة الكلية للكون هي صفر بالفعل
مؤكدةً النتائج السابقة، ولكن في حالات أخرى فإن الطاقة الكلية ليست صفرأ. ولهذا
فإن فكرة "روزن" أن حسابات التنسورات الكاذبة ستقود إلى نتيجة أن الطاقة
الكلية للكون هي صفر، تعتمد كثيراً على النموذج.
وفي رد على هذه النقطة تم تطبيق بعض
التلاعبات الرياضية والتي تعرف بـ Landau-Lifshitz
pseudotensor
للتغلب على المشكلة وإعطاء الكون مجموع طاقته الكلية المساوي للصفر. اذاً فالمسألة
كلها عبارة عن رياضيات برياضيات وتلاعبات وتقريبات.
يقول رِم إدواردز
Rem Edwards في كتابه: ما الذي سبب
الانفجار الكبير؟
وبالتالي فإن هذه الفرضية تقوم على أساس أن الكون كان في
البداية في اتزان مثالي أو تناظر مثالي، وبالتالي فإن طاقة الحركة في بداية
الانفجار متزنة بشكل مثالي هي الأخرى، وأيضاً أن المادة وضد المادة، والشحنات كلها
توجد في حالة توازن. كل شيء في الكون يجب أن يترتب حتى يصبح مجموع الطاقة فيه
صفراً.
المصدر:
What
Caused the Big Bang?
By Rem
Blanchard Edwards
Page 165
خلاصة الكلام: الملحد
يتوسل بالفرضيات العلمية غير المدعومة بالتجربة والمصطلحات الفضفاضة حتى يقوم بنفي
وجود الإله والتصميم.