بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعنا اليوم يتكلم عن الكون ونشوئه من العدم
حقيقةً ما دفعنا لكتابة هذا الموضوع هو الآتي
كثرة اللغط حوله واحتجاج الملاحدة به
ولهذا آثرت البحث فيه وتقديم صورة علمية محايدة مضافاً عليها لمسة فلسفية
كما عودناكم لتوضح أين المشاكل المخفية في الفكرة العلمية نفسها.
قراءة شيّقة
يقول لورانس
كراوس، الفيزيائي الملحد الشهير وصاحب الكتاب الشهير حول نشوء الكون من العدم
A Universe from Nothing: Why There is Something
Rather than Nothing
في مقالة في جريدة
The Wall Street Journal
It appears that the dominant energy in our universe doesn't reside in
normal matter, or even mysterious dark matter. Rather, it is located in a much
more mysterious form of energy in empty space. Figuring out why empty space has
energy is perhaps the biggest mystery in physics and cosmology today.
يبدو أن الطاقة
المهيمنة في كوننا لا توجد في المادة العادية، ولا حتى في المادة المظلمة الغامضة.
بل توجد في شكل أكثر غموضاً في الفضاء الفارغ. إن فهم لماذا يحتوي الفراغ على طاقة
ربما أكبر لغز في الفيزياء وعلم الكون في يومنا هذا.
The existence of this energy, called dark energy, has another
consequence: It changes the picture so that knowing the geometry of the
universe is no longer enough to determine its future. While this may be a
disappointment, the existence of dark energy and a flat universe has profound
implications for those of us who suspected the universe might arise from
nothing.
إن وجود هذه
الطاقة، المسماة بالطاقة المظلمة، لديه تبعة أخرى: وجودها يغير الصورة بحيث أن
معرفة "هندسة الكون" ليس كافياً لتحديد مستقبله. بينما قد يكون هذا
احباطاً، وجود الطاقة المظلمة والكون المسطح لديه مشاكلة عميقة لنا نحن من نشك بأن
الكون قد نشأ من عدم.
Why? Because if you add up the total energy of a flat universe, the
result is precisely zero. How can this be? When you include the effects of
gravity, energy comes in two forms. Mass corresponds to positive energy, but
the gravitational attraction between massive objects can correspond to negative
energy. If the positive energy and the negative gravitational energy of the
universe cancel out, we end up in a flat universe.
لماذا؟ لأنك إن
قمت بجمع الطاقة الكلية لكون مسطح، فإن القيمة هي صفر بالضبط. كيف يمكن أن يكون
هذا؟ عندما تقوم بإدخال تأثيرات الجاذبية، تأتي الطاقة بشكلين: مادة، وهي تشكل
الطاقة الموجبة، ولكن التجاذب بين الاجسام يمكن أن يشكل الطاقة السالبة، فإن كانت
الطاقة الموجبة تقوم بإلغاء الطاقة السالبة – عند جمعهما – فإننا سننتهي مع كون
مسطح.
لن نخوض في تعريف العدم
وما هو العدم، فهذا منهج فلسفي مطروح ومعروف، لأن العدم الفيزيائي يختلف عن العدم
الفلسفي الذي هو العدم المطلق في أقصى حالاته. ولكننا سنمد رقبتنا لكلام كراوس،
وننظر له بعين الناقد والباحث بصدق ونأخذ من كلامه أعلاه هذه النقطة المهمة:
مجموع
طاقة الكون = صفر، في حالة الكون المسطح
لنتكلم بدايةً عن مفهوم
الكون المسطح. الكون المسطح لا يعني مثلاً أنه مثل ورقة أو مثل قطعة نقد أو مثل
الأشياء التي نتخيلها في حياتنا اليومية، بل نقصد بكلمة أن الكون مسطح بأن الخطوط المتوازية
فيه لا تتقاطع، مثل الشعاع، وبالتالي فإن رسمت خطاً فإن هذا الخط سيمتد إلى الما
لا نهاية ولن يقطعه خط آخر موازي له مطلقاً. وبالتالي فإن الكون مسطح مثل سطح
الورقة، وليس مثل الورقة بالتأكيد.
وحتى نتخيل هذا الأمر،
انظروا إلى صورة المثلث المعتادة في الفضاء التقليدي (يسمى الفضاء الإقليدي نسبة
للعالم اليوناني اقليدِس):
والمعلوم سلفاً أن مجموع
زوايا المثلث دائماً 180 درجة، وهذا الكلام صحيح في حالة واحدة، عندما نرسم المثلث
على أي سطح "مسطح" بشكل كامل. متى يتغير هذا الكلام؟ عندما يتغير السطح
المرسوم عليه المثلث، فإن كان محدباً مثل الكرة فإن مجموع الزوايا أكبر من 180،
وإن كان مقعراً فإن مجموع الزوايا أقل من 180 كما هو ظاهر في الصورة التالية:
ربما تقولون ما الذي ادخلنا
فيه صاحب المقال وكاتبه؟ ما الذي يحاول أن يقوله؟ جوابي: فصبر جميل يا أخوتي، لأن
فهم النقطة السابقة ضروري حتى ننطلق لما بعدها، فما بعدها مبني على تخيل فكرة
المثلث.
الآن أدعوكم لتذكر كلام
كراوس حول كلمة "الكون مسطح"، والسؤال الذي يجب أن نجيب عليه: كيف عرفنا
أن الكون مسطح؟ الموضوع بصراحة اجابته معقدة وبعيدة عن غايتنا، ولكن هناك مشروع WMAP
ومشروع BOOMERanG وفيهما استدلينا على قياسات تخص تسطح الكون وبعض
القيم التي تتحكم به. الصورة الأولى تظهر مشروع WMAP والصورة الثانية تظهر مشروع BOOMERanG.
WMAP
BOOMERanG
الآن
لنربط مفهومي المثلث وشكل الكون معاً عن طريق مفهوم جديد ألا وهو "كثافة
الكون"، فكثافة الكون تؤثر في شكله، فكثافة الكون إن كانت أكبر من
"واحد" فإنها ستؤدي إلى تشكيل الكون على شكل كرة، وإن كانت أصغر من واحد
فإنها ستؤدي إلى تشكيل الكون على شكل سرج حصان، وإن كانت مساوية لواحد فإنها ستؤدي
لجعل الكون مسطحاً 100% مثل سطح الورقة.
يُرمز
لكثافة الكون بالرمز الإغريقي Omega وحسبما رأيت في المصادر فإنها تكتب على عدة اشكال تشترك بالحرف
الإغريقي كما هو ظاهر في الصورة التالية:
والصورة
التالية توضح كيف تؤثر كثافة الكون على شكل الكون:
اذاً
على قيمة Omega أن تكون واحد
صحيح حتى نثبت صحة نظرية كراوس على الأقل وأن الكون فعلاً نشأ من اللاشيء. ماذا
تقول البحوث التجريبية ونتائج مسح WMAP
حول هذا الأمر؟ هل القيمة واحد صحيح فعلاً أم هذه القيمة هي وسيطة فقط؟ هذه الصورة
مأخوذة من البحث المرفق في هذا الرابط:
بل
أن القيمة قد تكون أقل من واحد أيضاً حسب البحث التالي:
we find that the
total density of the universe
Ωtot=1.04+/-0.06
ومع
تغيير الفرضيات تتغير القيمة من داخل نفس البحث:
ويبدو أن قيمة الثابت Omega على ما يبدو أكبر من واحد مما يجعل الكون ماذا؟ كرة؟ أو انها اقل من واحد مما يجعله مثل سرج الحصان؟
أمام الملاحدة الكثير لتفسير هذه القيم، ولهذا فإن تسطح الكون يعتبر تسطح محلي وليس تسطح كلي كما يحاولون ايهام الناس، ونضيف أيضاً إلى أن العلماء وحتى يخرجوا من هذا الاحراج العلمي افترضوا أن كثافة الكون يجب أن تكون (1) صحيح عند بداية الكون حتى لا يحتاج لمسبب وسموها بـ Flatness Problem حسبما هو منقول من الرابط التالي: http://astronomy.swin.edu.au/cosmos/F/Flatness+Problem
حيث
يجب أن تكون قيمة الواحد دقيقة لحد 56 صفراً كما التالي:
1.000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
وحتى تتأكد افتح الرابط السابق وافهم لماذا سموها بمشكلة، ببساطة لا يوجد سبب لتكون كثافة الكون بهذه الدقة حتى ينشأ، يبدو أن الأمر حسب الماديين "صدفة".
اذاً أين يضعنا هذا أو أين يضع العالم كراوس؟
هذا الأمر يضع عالمنا الجميل في موقف محرج جداً، لأنه التزم بضرورة أن تكون الكثافة الكلية للكون بهذه القيمة حتى ينشأ النظام، أي أن فرضيته أتت من ناحية الضرورة لا أكثر، ولا يوجد دليل سوى الضرورة، ولهذا فهي أقرب للميتافيزيقيا منها للعلم.
فمن الرابط السابق أنقل:
There is no known reason for the density of the Universe to be so close to the critical density, and this appears to be an unacceptably strange coincidence in the view of most astronomers. Hence the flatness ‘problem’.
بالإضافة الى افتراض تسطح الكون الذي على ما يبدو أنه كروي وليس مسطحاً حسب آخر القياسات. بالاضافة إلى النظرية الجديدة بأن الكون قد لا يكون مسطحاً أبداً، وللعلم هذه النظرية تنتظر التأكيد خلال عام:
Universe may be curved, not flat
Anomalies in relic radiation could contradict the evidence for a level cosmos.
خلاصة كلامي: علمياً لا يوجد دليل على تسطح الكون حالياً إلا كافتراض عقلي.
ثم ماذا إن أتى المستقبل وتم اثبات أن الكون مسطح؟ عندها ستكون كلمة كراوس صحيحة، ولكن ويا للعجب، فنحن نؤمن بأن الكون أتى من عدم، وهذا بالضبط ما نؤمن به حسب فهمنا للقرآن:
وفي نقطة ختامية يجب أن ننتبه إلى أن الملحد هنا قد اثبت أزلية المادة، لأنه افترض أن العدم عبارة عن فراغ من الطاقة المتموجة الموجودة بلا مسبب، وبالتالي فهي كانت قبل حدوث الكون، وليس لها سبب معروف.
الخلاصة:
1- لا يوجد دليل متسق على تسطح الكون كلياً.
2- استدلال الملحدين خاطئ علمياً ولهذا تسقط نظريتهم
3- خلق الكون من اللاشيء يوافق العقيدة الإسلامية ان تم اثباته علمياً.
والله ولي التوفيق.