بسم الله الرحمن الرحيم
كان جان بول سارتر أحد مناضلي الإلحاد في أغلب مراحل حياته. في الواقع، هو وعشيقته "سيمون دي بوفوار" أمسيا من أشهر ملحدي القرن العشرين. بالرغم من أن "دي بوفوار" بقيت على إلحادها حتى النهاية، ولكن وعلى ما يبدو فإن سارتر بدأ يرى نفسه "مخطئاً" – وهذا ما سيسبب صدمة وهلعاً بين كل اتباعه ومحبيه.
إن من كشف تغيّر سارتر المذهل كان صديقه والشيوعي السابق "بيير فيكتور" والمعروف أيضاً بـ"بيني ليفي"، فقد أمضى صديق سارتر أغلب وقته مع سارتر الذي ينازع الموت، وقابله وسأله عن عددٍ من وجهات نظره. وحسب فيكتور، إن سارتر تعرض لتغيّر كبير في فكره حول وجود الله، وبدأ ينجذب إلى ديانة "اليهودية المسيانية". تقرأون في التالي اعتراف سارتر قبل الموت حسبما نقله بيير فكتور:
"أنا لا أشعر بأني نتاج للصدفة، ذرة تراب في الكون، ولكني أشعر بأني شخصٌ كان مُنتَظَر، ويتم تحضيره، وموضوع مسبقاً. باختصار، كائن فقط الخالق من يستطيع وضعه هنا، وهذه الفكرة عن اليد الصانعة تشير إلى الله" (1).
صورة بيني ليفي Benny Levy
هذا التصريح يقوم وبكفاءة بإغلاق طور سارتر الوجودي كما يراه اتباعه وحبيبته "سيمون دي بوفوار" بالأخص. خلال مأتم سارتر، تم الإبلاغ على أن "دي بوفوار" قد تصرفت مثل أرملة حزينة، ولكنها لاحقاً أصبحت أكثر نقداً لسارتر في كتابها "حفل وداع". ولاحقاً كشف دي بوفوار عن غضبها على تغيره بتصريحها: "كيف يمكن لأحدنا أن يشرح هذا التصرف الخرف الصادر عن مرتد؟ كل أصدقائي، وكل السارتاريون، وفريق تحرير "العصر الحديث" يدعمونني في ذعري (2)."
سيمون دي بوفوار
لاحظوا كيف وصفت عشيقة سارتر عودته عن الإلحاد بكونه تصرف خرف، كما وصفوا الملاحدة تصرف أنتوني فلو.
ودليل آخر يدعم انتقال للإيمان بالله تم إيجاده في الموقع الأبعد عن التوقع: "theinfidels.org". هذا الموقع الإلحادي المتعصّب يخبرنا أن في عام 1980، وقبل حوالي شهر من موت سارتر، تم عمل مقابلة معه بواسطة أحد معاونيه، بيني ليفي، وفي خضم تلك المقابلات، أعرب سارتر عن اهتمامه في اليهودية الميسانية. وأضاف الموقع أن سارتر كان مهتماً فقط بالجانب الميتافيزيقي لليهودية، ولكنه استمر برفض فكرة وجود الله (3).
في الفقرة التالية يعترف الموقع أن في عام 1974، في مقابلة مع سيمون دي بوفوار، قال سارتر بأنه رأى نفسه "ككائن لا يمكن، على ما يبدو، إلا أن يأتي من خالق." ومع ذلك فإنهم يشيرون إلى أن سارتر قد أضاف قائلاً "هذه ليست فكرة واضحة ودقيقة..." وكما هو متوقع، فهم ينتقلون إلى التأكيد بأن قبل وبعد هذه التصريحات، فإن سارتر وبكل وضوح، كان وما زال ملحداً.
وفي الختام، فإنهم يقرّون بأن مؤيدي سارتر انزعجوا من قبول سارتر "لشيء ما" في اليهودية، وما هو عبارة عن رفض صريح للماركسية، فلسفة كانت جزءاً كبيراً ومركزياً من أفكاره الفلسفية. ولسوء حظهم، فإن سارتر أكد بأن المقابلة مع "ليفي" كانت أصلية، أي حقيقية.
لا يمكن لأحدنا سوى أن يبتسم على هذا الاحتراز والتحفظ والتكتم على هذا الجزء من الملحدين ليعترفوا بأن هذا الدليل يطلعنا على أن هناك حدثاً "جللاً" كان يجري في تفكير سارتر. وبوضع 2 و 2 مع بعضهما البعض، يظهر لنا أن سارتر لم يحدث له تغيّر في الدقيقة الأخيرة أبداً، بل وعلى مدى سنوات عديدة كان هناك تغير تدريجي في تفكيره حتى أنه اعترف "متردداً" في العام 1974، ربما حتى لا يضايق دي بوفوار وأتباعه، وأنه ظهر أخيراً قد اعترف بشكل كامل حول تغيّره لصديقه العزيز فيكتور قبل موته. حقيقة أن سارتر أكد صحة المقابلات التي أجراها مع فيكتور، تضيف المزيد من الدعم لهذه الخلاصة. هكذا فإن الملحد المتعصّب، جان بول سارتر، على ما يبدو قد رأى النور في آخر حياته – ولسوء الحظ بعدما أثر في الكثير حول العالم كي يقبلوا فلسفة الإلحاد.
المصادر
i. National Review, June 11, 1982, p. 677. Cited in McDowell, J. Stewart, D. Handbook of Today’s Religions – Existentialism.
ii. Ibid.
iii. Theinfidels.org, Sartre, Jean Paul, http://www.theinfidels.org/zunb-jeanpaulsartre.htm (Viewed November 5, 2013)