بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم أنقل لكم هذا الموضوع، الذي يُعد مسماراً آخرَ يٌدقُّ في نعش المادية العلمية المتمثلة في نظرية التطوّر.
هذا المقال، يتكلم عن اكتشاف جديد في النباتات ينقض كلام داروين حول الطفرات العشوائية التي تؤدي إلى اختلاف الصفات ثم تخضع للانتخاب الطبيعي الذي ينتقي الطفرات الأفضل.
قراءة شيّقة.
أماط بحثٌ جديدٌ اللثام عن طبقة مخفية من "معلومات فوق جينية
تقوم بتحديد الصفات" والتي تتواجد خارج سلسلة الحمض النووي DNA في
النباتات. هذا الاكتشاف الجديد يتحدى الإطار الفكري التطوري للمجتمع العلمي
وآرائهم المعروفة سابقاً حول كيفية تكيّف الكائنات الحية مع التغييرات البيئية على
الصعيد الحيوي الجزيئي في الخلية. في الحقيقة، فإن البعض قام بتسمية هذا البحث
الجديد بالـ"هرطقة"!
لمدة تزيد عن خمسين عاماً، قام علماء التطور الدارويني بعزو التغيرات
في صفات الكائنات وسماتها إلى سلسلة معينة من الحمض النووي والتي تقوم بتشفير تلك
الصفات في هذه الكائنات. ولم يتوقعوا أبداً أن طبقة مخفية من معلومات الوراثة فوق
الجينية فوق شفرة الحمض النووي يمكن أن تكون مشاركة بشكل مباشر في كيفية تفاعل
النبات مع بيئته المحيطة!
كلاً من النباتات والحيوانات يمتلكون آليات جينية التي تقوم بتعديل
معلومات ووظيفة الجينوم بلا أي تغيير فعلي للشفرة الجينية. عملية التغيير هذه
تُعرَف بـ"الوراثة فوق الجينية". واحدة من أفضل عمليات الوراثة فوق
الجينية المدروسة تتضمن عملية "تأشير" كيميائية لنيوكليدات الحمض النووي
في الجينوم باستخدام مجموعات الميثيل. يجدر بالذكر أننا تكلمنا عن الوراثة فوق
الجينية في موضوعنا: دراسة للوراثة فوق الجينية تقلب شجرة تطور الإنسان – القرد
رأساً على عقب. إشارات الميثيل هذه متصلة بنيوكليدات السايتوسين في أنماط محددة
حول الجينات، وأخرى يتم التعبير عنها بواسطة مجموعات متخصصة من البروتينات
تدعى"methyltransferases".
إن نظام تأشير الميثيل يعلب دوراً رئيسياً في تحديد كيف ومتى يتم
تشغيل وإطفاء الجينات على طول الكروموسوم. إن عمليتي وضع وصيانة إشارات الميثيل
هذه تمتاز بالديناميكية والدقة. عندما تنقسم الخلية، ويتم نسخ الحمض النووي الخاص
بها، فإن نسخة طبق الأصل من إشارات الميثيل يتم نسخها، والهندسة لهذا النظام
المعقد بدأ يتم فهمها مؤخراً، أو الآن.
مؤخراً، تم إضافة دراسة حديثة لنبتة
Arabidopsis إلى الأهمية المتصاعدة للوراثة فوق الجينية في التكيّف. في هذا
المشروع، قام الباحثون باختبار "انفعال" 80 نبتة Arabidopsis مختلفة، تلك النباتات كانت شبه متطابقة
جينياً، باستثناء البعض التي كان ينقصها الجين الذي يتحكم بأنماط
"ميثيلية" الحمض النووي المناسبة. ولهذا فإن الاختبار ركز على عدد كبير
من مجموعات النباتات المتشابهة جينياً التي تحتوي في الجينوم الخاص بها مستويات
طبيعية وشاذة من الميثيلية. قام الباحثون باختبار هذه النباتات لعدة أجيال، وكان
الاختبار يشمل أوقات الإزهار ونمو الجذور.
صورة لنبتة Arabidopsis
إن الدارسة كانت تهدف إلى تحديد ما إذا تم نقل تلك التغيرات في الصفات
من جيل إلى آخر بواسطة الفروق الجينية أو الفروق فوق الجينية. وقد وجدوا أن الحمض
النووي المسلسل في مناطق جينوم الـ Arabidopsis والتي تتحكم بكل من وقت
الإزهار وطول الجذور، كان متطابقاً في كل النباتات الثمانين، ولم يشارك في
التغيرات الملحوظة. ولكن ما اكتشفوه كان الآتي: أن التغيرات المتوارثة لهذه الصفات
كانت مرتبطة مع تغيرات الميثيلية.
هذا السيناريو يطرح مجموعة متنوعة من المشاكل الكبيرة بوجه التطور.
أولاً، فإن ميثيلية الحمض النووي ليست صفة عشوائية في الجينوم – هذه الإشارات يتم
وضعها حسب عناوين محددة على الحمض النووي على كل الجينوم. وتتضمن هذه العملية
أيضاً نظام مثل الأوركسترا من الآلات الجزيئية التي تربط إشارات الميثيل مع
الاستجابة للظروف البيئية.
ثانياً، الآلات الجزيئية المعقدة و الأنظمة يجب أن تقوم بترجمة إشارات
الحمض النووي – ليس فقط حسب البيئة، بل أيضاً حسب نوع خلية النبات حيث توجد
الإشارات – الجذور، الأوراق، الجذع، إلى آخره.
ثالثاً، حتى يتم مرور النظام بشكل كامل خلال نمو الخلية وحتى إلى
الأجيال التالية من النباتات (في البذور)، فإن وجودها عبارة عن نظام منفصل ضروري
الذي يقوم بنسخ إشارات الميثيل مع الحمض النووي عندما يتم نسخ الحمض النووي.
إن التطور الدارويني يدعي أن التغيرات العشوائية في الحمض النووي
والمرتبطة مع الصفات المختلفة تقوم بتوليد فروقات جديدة ومفيدة، ثم يتم انتقائها
بواسطة البيئة. ولكن العلماء يكتشفون حالياً أن الكائنات الحيّة تتأقلم بشكل سريع
وقوي مع بيئتها بينما تبقى بشكل واضح كما هي عليه، أي لا تحدث أي تغييرات بسبب
الطفرات.
مصدر المقالة:
قوة المصدر الأكاديمية:
2012 Impact
Factor 31.03, (5-year Impact
Factor of 33.6), Science articles
consistently rank among the world’s most cited research.