الأحد، 6 أكتوبر 2013

الأسس الميتافيزيقية للعِلم

بسم الله الرحمن الرحيم

تُعرَف الميتافيزيقا بأنها الفلسفة المختصة بما وراء الطبيعة، أي بالظواهر التي يتناولها العقل، مثل الروح وما شابهها من أفكار. لكن هل يُمكِن تصوّر أن هذه الفلسفة تدخل في علومنا "الـمـاديّة"؟ 
الجواب: نــعـــم!
وهذا ما سنتناوله في طرحنا اليوم.



من المثير للسخرية والضحك، أن التقدمّات العِلمية الحالية والتي نعيشها ونراها كلّ يوم، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالميتافيزيقا. فالعلماء لم يتورعواً عن فرض افتراضات عقلية لا يستطيعون إثباتها، بل الكارثة أنهم يعلمون أحياناً أن هذه الافتراضات تُخالِف الواقع المرصود والمحسوس. فلماذا أسميناها ميتافيزيقا؟ للأمانة لن أنكر فضل العالم الكبير والفيلسوف الأشهر: كارل بوبر، حيث قرأت في كتابه اسطورة الإطار حيث أوضح بعض الأفكار الأساسية في ميتافيزيقة العِلم في عصور نيوتن ولابلاس وغيرهم. فالميتافيزيقا هنا مرتبطة بما هو خارج العالم المادي، افتراضات عقلية بحتة، لا يمكن إدراكها إلا بالعقل. 

سأتعرّض لمثالين شهيرين كي أوضح الأسس الميتافيزيقة غير المطابقة للواقع لنظرية تعتبر الأشهر وهي المبدأ الكوني وهذا نصّه من ويكيبيديا:

المبدأ الكوني cosomlogical princible أو الكون الطبيعي الفيزيائي هي مجموعة من الافتراضات التي تتعلق بتكوين الكون وبنائه ، وهذا المبدأ يفترض بأن النجوم والمجرات موزعة توزيعا متساويا في جميع أنحاء الكون ومتجانسة . أي لا تتميز منطقة فيه عن الأخرى.
لاحظوا معي الفرضيتين في نظرية المبدأ الكوني:

  1. توزيع النجوم والمجرات بشكل متساوي في كل الكون!
  2. التوزيع متجانس، أي لا يوجد مساحة في الكون تحتوي على مادة أكثر من مساحة أخرى!

 من حسن حظنا، أن هذه الفرضيات العقلانية أعطت نتائج جيّدة، ولكن هل تجعل هذه الفرضيات الكون كما هو؟ هل يمكن أن يكون الكون فِعلاً "متساوي التوزيع ومتجانس"؟ هذا سؤال مهم يجب أن يجيب عليه العلماء، وطبعاً أي عالم حقيقي يعترف بأننا نتنبأ ومعادلاتنا هي تنبؤات وليست هي الواقع. 

بالرجوع لموقع جامعة كاليفورنيا UCLA نجد هذا التصريح الخطير:

this indicated that the Universe is close to homogeneous (having uniform density) on large scales. 

أي أن افتراض تجانس الكثافة في الكون، هو تقريب لحقيقة أن الكون "شبه" متجانس. وكي أزيد الطين بلّة، أنقل لكم من نفس الموقع هذه الكلمة:
Of course the Universe is not really homogeneous and isotropic, because it contains dense regions like the Earth But it can still be statistically homogeneous and isotropic,

فالكون ليس متجانساً حقاً، ولكن يمكن اعتباره متجانس احصائياً. 



أكتفي بهذا القدر من الكلام حول الكون ولننتقل إلى صاحبتنا النظرية التطوّرية، الداروينية. 

افترض داروين أن كل الكائنات انحدرت من كائن واحد وحيد الخلية، أقرب للأميبا. طبعاً هذا الكائن لم يره أحد ولم يسمع عنه أحد، بل لم يعرف أحد وجوده على وجه اليقين. وقد تطرّقت لهذه المسألة في موضوعي "لماذا أرفض التطوّر" واقتبس منه كلامي:

Universal common ancestry (UCA) is a central pillar of modern evolutionary theory. As first suggested by Darwin, the theory of UCA posits that all extant terrestrial organisms share a common genetic heritage, each being the genealogical descendant of a single species from the distant past. The classic evidence for UCA, although massive, is largely restricted to 'local' common ancestry-for example, of specific phyla rather than the entirety of life-and has yet to fully integrate the recent advances from modern phylogenetics and probability theory.

 إن الأصل المشترك الشامل عمودُ مركزيُ في النظرية التطورية الحديثة. كما أقتُرِح من قبل داروين، فإن نظرية الأصل المشترك الشامل تفترض أن كلّ الكائنات الأرضية الموجودة تشترك بإرثٍ جينيٍ، كل بكونه المتحدر من شجرة النسب لنوع واحد من الماضي البعيد. بالرغم من أن الأدلة الكلاسيكية لـلأصل المشترك الشامل ضخمة، فهي محددة في الأصل المشترك "المحلي" – على سبيل المثال، لشعبة محددة بدل من كل الحياة – ولا يزال يتعين عليها أن تُدمج في التقدمات الأخيرة في الشجرة الفايلوجينية ونظرية الاحتمالات. 


والمضحك في الأمر أن هذه الفرضية أيضاً تم طرح "نقض" لها وقالوا أن هناك ثلاث أصول حسب موقع Science Daily:

New Cellular Evolution Theory Rejects Darwinian Assumptions


Life did not begin with one primordial cell. Instead, there were initially at least three simple types of loosely constructed cellular organizations. 




وخلاصة الفقرة أعلاه: أن النظرية الخلوية للتطور دحضت الفرضية الداروينية القائلة بأن الأنواع ظهرت من نوع وحيد أحادي الخلية، فالأنواع ظهرت من ثلاثة أنواع من الكائنات أحادية الخلية على الأقل.
أظن إني اكتفي بهذا القدر من النقد للتطوّر، فقد عريناه من أصله العلمي كليّاً. 






 وهناك فرضيات أخرى مثل "اتصال المجال" في علوم ميكانيكا الموائع وانتقال الحرارة، التي تفترض الذرات كلها عبارة عن نسيج متصل وناعم بلا تعرجات حادة، حتى نستطيع تطبيق قواعد الرياضيات المتقدمة، ولمن يريد الاستزادة يستطيع العودة إلى هذا الكتاب الظاهر في الصورة في الأسفل في الوحدة الثانية ليقرأ هذا الكلام في مقدمة الوحدة.


وحسب الموسوعة ويكيبيديا:

Concept of a continuum[edit]

Materials, such as solids, liquids and gases, are composed of molecules separated by "empty" space. On a macroscopic scale, materials have cracks and discontinuities. However, certain physical phenomena can be modeled assuming the materials exist as a continuum, meaning the matter in the body is continuously distributed and fills the entire region of space it occupies. A continuum is a body that can be continually sub-divided into infinitesimalelements with properties being those of the bulk material.
The validity of the continuum assumption may be verified by a theoretical analysis, in which either some clear periodicity is identified or statistical homogeneity and ergodicity of the microstructure exists. More specifically, the continuum hypothesis/assumption hinges on the concepts of a representative volume element (RVE) (sometimes called "representative elementary volume") and separation of scales based on the Hill–Mandel condition. This condition provides a link between an experimentalist's and a theoretician's viewpoint on constitutive equations (linear and nonlinear elastic/inelastic or coupled fields) as well as a way of spatial and statistical averaging of the microstructure.[1]
When the separation of scales does not hold, or when one wants to establish a continuum of a finer resolution than that of the RVE size, one employs a statistical volume element (SVE), which, in turn, leads to random continuum fields. The latter then provide a micromechanics basis for stochastic finite elements (SFE). The levels of SVE and RVE link continuum mechanics to statistical mechanics. The RVE may be assessed only in a limited way via experimental testing: when the constitutive response becomes spatially homogeneous.

فهل أصبحت الذرّات المنفصلة نسيجاً متصلاً؟ 


وهكذا نتبين أن العلم يقوم في أصوله غالباً على فرضيات مبنية على العقل ولا شيء غير العقل. 

والحمد لله رب العالمين.