بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
حقيقة وعلى أثر نقاش على الخاص مع شخص ما ثم نقاش مع الدكتور نضال البغدادي صاحب نظرية التضامر
أقول إني استطعت وضع تصور معين مبني على التضامر حول التناقض الذي يثيره الملحد حول صفات الله
اليوم سأطرح وجهة نظري تضامرياً وسيكون الأمر ذو تعقيد بسيط وغرابة بسبب حداثة الطرح ومخالفته لما عهده البعض من المناطقة والفلاسفة الميتافيزيقيين والمتكلمين.
قراءة ممتعة
كبداية للكلام لابد أن نعرّف التضامر كما عرّفه صاحبه وبذلك ننقل بأمانة مفهوم التضامر بطريقة واضحة وعلمية مناسبة. فالتضامر هو:
* رُؤيَةٌ فَلسَفيّةٌ مُعاصِرَةٌ تَذهبُ إلى القَولِ بإمْكانيّةِ الوصولِ إلى الأجوبةِ النّهائيّةِ في القَضايَا والمَباحِثِ المُشتَركَةِ بينَ الدّينِ والفَلسَفةِ والعِلمِ.
* هِيَ مُحاولةٌ لاسْتِشْفَافِ الاحتِمالاتِ المُمكِنةِ الخَفِيّةِ (المُضْمَرةِ) في المُسَلّماتِ بِوَصفِهَا أَوّلِيّاتٍ تُفسّرُ نَفسَها بِنفسِها، وفي المَألوفَاتِ بِوصْفِهَا مُركّباتٌ يُفَسّرُ بَعضُهَا بَعضًا.
* إنَّها تَسعى ومِنْ خلالِ مفاهيمِهَا والقَوانينِ التّي تَتضمّنُهَا، للمُساعدةِ في استنباطِ المُضمَرِ في كُلّ ما هُوَ مُظهَرٌ، وذلكَ لِدِراسَتِها، واكتشافِ ما تَتَضّمنُهُ مِنْ معلوماتٍ كائنةٍ، أو يُمكنُ أنْ تَتكوّنَ مُستقبلًا.
افتراضاتُ النّظريّةِ
تَفترضُ نظريَّةُ التَّضامُرِ ما يَلي:
أوَّلاً: كُلُّ شَيْءٍ عِبارةٌ عنْ مُظهَرٍ، ومُضمَرٍ بِالضَّرورةِ.
ثانيًا: المُضمَرُ هُوَ: الاحتِمالاتُ المُمكَنةُ التّي لا تُماثِلُ المَظهَرَ.
"إذا كانَ المُضمَرُ لا يُماثِلُ المُظهَرُ فهذا لا يَعني بِالضَّرورةِ أنْ يكونَ النَّفيُ للمُظهَرِ، إذِ اللّاتَماثُلُ أشْملُ مِنَ النفيِ، فقدْ يكونُ تَبايُنًا أو تَنَاظُرًا أو تَشابُهًا.. الخ".
المُظهر = المثبت
المضمر = الاحتمالات الممكنة = المنفي + المثبت النسبي +1
المُثبت ı| المنفي + المثبت النسبي +1
ثالثا: الأسبَقيّةُ للمُظهَرِ دائِمًا.
"المُظهَرُ: هُوَ الأسَاسُ في صِياغَةِ عَلاقَةِ التَّضامُرِ، سَواءً أكانَ ذلكَ المُظهَرُ شَيْئًا مَوْجودًا، أمْ فِكْرةً نَظَرية، أم اعتِقادًا دِينيًّا، أمْ غيرَ ذلك".
رابعًا: كُلُ احتِمالٍ مُضمَرٍ يُضمِرُ بِدَورِهِ احتِمالاتٍ لا تُماثِلُهُ.
خامِسًا: المُضْمَرُ: هُوَ ضِعفُ المُظهَرِ ، لِكونِهِ أكثرَ مِنْ احتِمالٍ مُمكنٍ دائمًا.
" إنَّ شِقّيْ عَلاقَةِ التّضامُرِ وهُما: المُظهَر والمُضمَرُ، غيرُ مُتَساوِيَيْنِ كَيْفًا وكَمًّا".
سادسًا: المُضمَرُ إمَّا مُحتوًى في المُظهَرِ، أو مُتَعلِّقٌ بِهِ، أو مُتَعالَقٌ مَعَه.
"إذا كَانَ المُضمَرُ مُحتوًى في المُظهَر، فالتَّضامُرُ ذَاتِيٌّ.
وإذا كانَ المُضمَرُ مُتَعلّقٌ بالمُظهَرِ، أو مُتعالَقٌ مَعَه، فالتَّضامُرُ لا ذَاتيٌّ".
سَابعًا: عَلاقَةُ التَّضامُرِ الذّاتيّ غيرُ مُتناظرةٍ، ولهذا فَهيَ لا تَنعَكِسُ.
------------------------------------------------------------------------------------
مَبدأُ النّظريّةِ
تَتلخّصُ نظريّةُ التّضامُرِ في مبدأ أساسِيٍّ، وهُوَ:
" كُلُّ شَيْءٍ يُضمِرُ لا مَثيلَهُ بِدلالةٍ مُحدّدةٍ "
وهذا المبدأُ يَتِمُّ التّعبيرُ عنْه بالرّموزِ في الشَّكل:
أ ı| لا أ ← د = أ ı| (ح +1) ← د
حيثُ إنَّ:
أ : رمزُ الشّيْءِ، أو الفِكرةُ المُظهَرةُ.
لا أ : رمزُ الشّيْءِ، أو الفِكرةُ المُضمَرةُ.
د : رمزُ الدّلالةِ المُحدّدةِ.
ح : رمزُ الاحتِمالاتِ المُمكِنةِ المَعلومةِ
+1 : رمزُ الاحتِمالاتِ المُمكنةِ المَجهولةِ
ı| : رمزُ التّضامُرِ (الخطُّ القَصيرُ يرمُزُ إلى المُظهَرِ، والخطُّ الكبيرُ يرمُزُ إلى المُضمَرِ)
------------------------------------------------------------------------------------
مَفاهيمُ النّظريّة
تقومُ هذِهِ النّظريّةُ على ثلاثةِ مفاهيمٍ رئيسةٍ، وهِيَ:
* مفهومُ اللّاتَماثُلُ
* مفهومُ الدّلالةِ المُحدّدةِ
* مفهومُ الإضمارِ
إنَّ دراسةَ هذِهِ المفاهيمِ دِراسةً مُعمّقةً وِفقَ ما نذهبُ إليه فيها، مِنْ شَأنِهِ أنْ يُسَهّلَ- وإلى حدٍّ بَعيدٍ- فَهمَ النّظريّةِ، وأيضًا هُوَ يُمهّدُ للتّعامُلِ مَعَ قوانينِ التّضامُرِ المُشتَقّةِ مِنْ مَبدئِها الأساسِيّ.
------------------------------------------------------------------------------------
تَضامُراتُ النّظريّةِ
مِنْ قوانينِ النّظريّةِ يُمكنُ التّحدُّثُ عنْ ثلاثةِ أنواعٍ مِنَ التّضامُرِ، وهِيَ:
الأوَّلُ: التَّضامُرُ الذّاتِيُّ
الثَّاني: التَّضامُرُ اللّاذاتِيُّ
الثَّالثُ: التّضامُرُ المُتَضامِر
المصدر: http://www.dr-nidhal.com/
نعود، وبعد تلك الجولة التي قد تكون للبعض مملة، بينما قد تكون للبعض الآخر مثرية، يظهر التضامر هنا حول الرأي والرأي الآخر، فحتى نفهم الخلاف القائم لدينا حول كون نظرية التضامر يجب أن نحلل المسألة كالآتي:
الاستمتاع يضمر لا مثيله وهو الملل، بدلالة محددة وهي من يقرأ النظرية، وبالتالي فإن الاحتمالين الظاهران هما: ملل لا ملل، ويمكن أن نضيف إليهما احتمالاً ثالثاً وهو: عدم وجود حالة ملل أو حالة استمتاع، ويمكن أن نضيف حالة رابعة وهي حالة غضب واشمئزاز، وممكن حالة خامسة، وهي حالة الحب والولهان.
وهكذا نرى أن قراءة النظرية تضمر لا مثيلها حسب طبيعة القراءة (وهي الدلالة).
ما علاقة هذا بنا؟ الآن نبدأ بالخوض في جواب المسألة المستعصية!
نبدأ بطرح القضايا المشهورة:
هل يقدر لله على أن يقتل نفسه؟
وفق التضامر سنرى كيف سيكون الجواب...
التضامر يرى السؤال فيقول الجواب يقدر لا يقدر، بدلالة طبيعة وجود الله، ولا يقدر أيضاً لا تعني العجز فهي تضمر جوانب أخرى بمعنى أن لا يقدر لا يعني انه عاجز بل يمكن أن القدرة غير ذات معنى هنا مثلاً، وبالتالي فتمام الجواب كالآتي:
الله يقدر لا يقدر أن يقتل نفسه بدلالة طبيعة الوجود، فإن افترض الملحد أن الله هو وثن مساوي لزيوس بالتالي فإن زيوس قادر على قتل نفسه كونه اله متجسد، ولكن ما أن يتطرق لمفهوم الإله الإسلامي مثلاً، فهو سيصطدم بقضايا المطلق والمجرد وواجب الوجود مما يجعل تساؤله ينطوي على تناقض ذاتي مع نفس الفرضيات التي تقوم عليها صفات الله. والأسوأ من هذا إن كان يعتبر أن الموت والفناء قانوناً على الجميع، فكيف يفسر وجود حيوان بحري لا يموت لأسباب طبيعية بل يموت مقتولاً وهو نوع من القناديل؟ القضية التي يصوغها الملحد مليئة بالمصادرات الباطلة.
اذن الملحد تم فضحه تضامرياً بمجرد اعادة فهم هيكلية المعرفة لديه.
تساؤل آخر: هل يستطيع الله أن لا يعلم؟
لنطبق التضامر مرّة أخرى، فالجواب سيكون يستطيع لا يستطيع بدلالة الزمن (مثلاً)، فالملحد هنا افترض أن الله يخضع لزمن فكان علمه زمني، وهنا ايضاً يظهر التناقض المخفي في فلسفة الملحد بواسطة التضامر.
ملاحظة استدراكية:
إن التضامر أوسع من هذا المجال بكثير، ولكنه قادر على ايضاح كيفية الحصول على عدة اجوبة لنفس المسألة كلّ حسب المصادرات المخفية، وبالتالي فالتضامر أداة مهمة لتوسيع قاعدة معرفة الشخص وفهم الخلافات الفكرية والعلمية.
والله من وراء القصد
والحمد لله رب العالمين