بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
اليوم وأنا أتصفح هراء الملحدين في مجموعة كبيرة لهم على الفيسبوك، وقعت على منشور لأحد رؤوسهم (إن جاز اللقب)، في هذا المنشور يصف هذا الملحد رحلة إلحاده بشيء من الاطالة المائلة للاقتضاب.
ولكن في هذا المنشور رأيت كنوزاً ما بعدها من كنوز
فكلامه يحمل تأكيدات وتوضيحات لما شككت فيه منذ البدء وقمت بتشخيصه
بكلمة واحدة:
التربية
أبدأ باقتباس كلامه ونقله فقرة فقرة، ثم بتوجيه النقد العميق لكلامه له، وطبعاً لن أكشف عن شخصيته حفاظاً على الخصوصية، إلا إن اختار أن يأتي لصفحة أنا مسلم أنا ضد الإلحاد على الفيسبوك فيناقش أفكاره، فنحن نرحب به. نبدأ بالنقل بسم الله.
قصتي مع الالحاد
اطرح هنا مسيرة عشتها في سنوات عمري و انا أقارب الأربعين ربما يستسخفها البعض و لكنها قيمة بالنسبة لي
ربما أكون مختلفا عن اغلب الزملاء هنا فعندما أُسأل متى الحدت او متى اقريت لنفسك بعدم وجود اله تكون إجابتي " لا اعرف "
الواقع انني منذ صغري و انا لا اعطي بالا لهذه الامور و كنت ارى أقراني من الأطفال يذهبون للمسجد مع آبائهم وينتابني نوع من الإحساس بالغرابة لم لست مثلهم ..
حقيقةً إن احتمالية انقلاب الفكر بعد عمر الأربعين تكون أضعف وتحتاج لشخص أسس نفسه على اتباع الحق أو تحوّل للخرف حتى نرى انقلابات كلية في الرأي. وطبعاً، إن قارنا الإلحاد في عمر صغير بالميول الجنسية المثلية، فحسب كتاب جيناتي جعلتني أفعلها فإن بداية الانجذابات تظهر في الطفولة نتيجة الخلل التربوي الحاصل في ذلك العمر، مما يؤدي للمثلي أن يتخيل وجود المثلية فيه منذ الولادة، ولهذا تجد الملحدين يقولون أننا نولد ملحدين، والسيد أعلاه يؤكد كلامي، حيث بدأ مرض الإلحاد النفسي ينتشر فيه منذ الطفولة نتيجة سوء التربية. وطبعاً سوء التربية هو أحد العوامل، ولا يعني ذلك أن من يكبر سينجو، ليس بالضرورة أن لا يتأثر الإنسان مع تقدمه بالسن (إلى سن معين طبعاً). ولاحظ كيف يذهب الأطفال مع آبائهم حسب كلامه، ولكن أين أبوه منه؟ هذا ما سيجيبه في فقراته التالية. لننتقل إلى باقي الفقرت ونتعمق أكثر.
انا اكبر اخوتي و تحملت المسؤولية من الصغر اهلي كانوا يضعون علي عبئ اخوتي و يعملون جاهدا لتقوية المحبة بيننا و كانوا يقوون فيَّ حب المطالعة لذا كنت اقرأ بنهم و كان اكثر ما اقرأه من الروايات و القصص التي كانت من نتاج الحركات الثقافية الشيوعية في فترة الثمانينات الى ان أنهيت المرحلة الإعدادية هناك و عند دخولي في المرحلة الثانوية اختلفت اهتماماتي حيث كنت من الأولاد المرفهين نسبيا .. لم اكن اهتم الا بسماع الاغاني و الرقص و تقليد المغنيين و صراحة لم يكن هذا ليروق لأهلي و لكن والداي لم يكونا ليضغطا علي ..
عموماً، الترتيب ليس مهماً، ولكن الأخ الأكبر يتمتع بامتيازات فكرية ونفسية تختلف عن باقي أخوانه، وهذا لا يعني الإطلاق أبداً، بل هي مجرد نظرة عامة. نلاحظ كيف تأثر هذا الملحد تربوياً بالمد الشيوعي وكيف دخلت فيه الفلسفة المادية وملاحقة الشهوات بأن تصل به إلى تقمص أدوار كاملة متمثلة بالمغنين والرقص، ولاحظ دور الأهل المهمل في التوجيه، حيث هنا يقع على عاتق الأهل التوجيه لا القمع، فالضبط مع التوجيه هو الحل عموماً، وبرأيي الشخصي إن الأب لا سيطرة حقيقة له هنا، أو أن شخصيته تشجع هذا النمط العام ضمنياً، وأن قلقهم كان على مستقبله الفكري وليس انحرافه الأخلاقي. فالأهل هم أساس البلاء هنا، وهذا مصداق حديث الرسول (ص) عن الفطرة وتحريفها، وكيف أن كل مسلم راعٍ ومسؤول عن رعيّته. لو كان الأب مسلم حقيقي كان تعلم كيف يوجه ابناءه بل يستوعب حتى خلافاتهم، فحتى لو كان الابن بعيد عن الدين، إلا أن شخصية الأب النفسية والعقلية ستحكمه.
حدثت عدة مرات خلال دراستي الثانوية ان حاولت التوجه للدين و ذلك بدعوات من أصحابي و أصدقائي و كنت اعتمد على ردود ابي و اقتبس من كلامه عندما ارد على أصحابي حيث ان ابي ان صح القول ربوبي و اقرب الى الاادريين
من هنا بدأ السرطان، فالأب بحد ذاته هو ضحية أخرى، ولا أستبعد أنه من ضحايا الدراسة في دول الاتحاد السوفييتي التي أسست نفسها فكرياً وعقائدياً على المادية الإلحادية بشكل واضح، ولكن خلفية الأب الدينية، بتقديري، كانت قوية فقادته إلى اللاأدرية أو الربوبية. أو ربما كان الأب تعرض لظروف تربوية قاسية داخل المنزل ولكن عقله أسعفه قليلاً فلم ينجرف خلف الإلحاد وتمسك بالربوبية الممزوجة باللاأدرية. وطبعاً سيكون صاحبنا الملحد مهتدياً بسنة أبيه، شبراً بشبر، فهو ملحد قلباً لا أدري عقلياً، طبعاً فأي مجنون ينفي وجود الإله بالمطلق؟ وطبعاً تراكم الأدلة العقلية والقلبية يقودك إلى نتيجة واضحة صارخة: هناك مبدع خلف هذا الكون. لنرى ما سيقول صاحبنا لاحقاً.
صراحة كان الموضوع عندي رغبة في البروز بينهم و لكن لم اعر اهتماما للدين او المتدينين ولا لمحاججاتهم الى ان دخلت الجامعة و هناك و في سوريا تعرضت لمجموعة من الانتقادات و الحوارات صراحة لم تسعفني ثقافتي في الرد و عندما لجأت لابي كانت ردوده في نقد الدين و ليس الغيب
لدى المراهق حب الظهور، وهذا ما نراه، ولا أظلم مؤمني المراهقين إن قلت أن العموم إنما يتدين ارتباطاً بالمجموعة، ولا يُلحد إلا من لديه مشاكل معرفية تربوية تؤهله لتنمية هذه الميول المنحرفة المسماة بالإلحاد. وطبعاً، لابد أن تستعين الشياطين ببعضها، فعاد هذا الملحد إلى أصله إلحاده، لنجده يرتكب مغالطة نقل العبء، فيؤسس للإلحاد عن طريق نقد الدين، وطبعاً نقد الدين يفيد نقد الدين لا إنكار الدين. نقد الدين يدفعه للتنقية والتقدم، لا لتركه. أحمق من يعتبر نقد الدين وسيلة للإلحاد.
خلال جامعتي تعرفت على أسرة اكنُ لها كم كبير من الاحترام و التقدير علمتني ان انتقي ما اقرأ .. قرأت عن الحضارات و عن العلوم عندها و عن ثقافات الشعوب و عشقت الميثولوجيا اليونانية و أحببتها و قرأت لفراس سواح الكثير و عندما بدأت اقرأ في التاريخ الاسلامي صعقت من فجاجته حيث و بكل صراحة وجدته فارغا بلا اي معنى
حقيقةً أنت لم تكن مسلماً حتى نتفاجأ باكتشافك أن الإسلام فارغ بلا أي معنى، فهذه نتيجة تراكمية لما حدث سابقاً. الكارثة أن من الحماقة والغباء اعتبار أن ما تسمى بأساطير الأولين خالية من أصل حقيقي، فحسب نظرية المعرفة أن كل ما يعرف الإنسان مستقى من تجربة وخبرة سابقة. اذن، ما حصل أحياناً لن يكون "سوء فهم" بل هو تعرّض حقيقي لله وجوده ومعجزات رسله. الله المستعان.
حياتي كانت في تلك الفترة حياة قهر حيث ان الحياة طحنتني و غيرت من حبي ولعي بالرقص و الاغاني الى الإحساس بقيمة الحياة حيث بدأت اصرف على نفسي و احس ان الدنيا بها أمور اهم مما كنت اهتم به و كان الفضل لتلك الاسرة أيضًا
انتابني خلال تلك الفترة رهبة و خوف من الموت و رفض له و حاولت جاهدا ان ألجأ للدين و لكن الدين لم يكن ملجأ أبدا بل كان رعباً بكل معنى الكلمة فكما منحت الالهة هرقل الخلود تمنيته و لكنني خفت منه حيث كان بلا اي معنى و هو هدم لقيم الحياة التي احسستها
هذه الجملة بحد ذاتها اعجاز بنظري، فمع النضوج نجد النفس تبتعد عن النزوع إلى الماديات لتخدير الحاجات الروحية، فنجده يعود إلى "الروحانية" وليس الدين، فالدين نهج وطريق وعقيدة وروحانية وعبادة ومعاملة، وليس فقط "روحانية"، ويا ترى ما هي قيم الحياة التي أحسّها وسيأخذها منه الدين؟ ربما كره الباطل وحب الحق؟ ربما الوقف بوجه المخطئ ومحاولة اصلاحه، ونصح المسيء، ومنع الظلم؟ أم التمييز بين العقائد الكفرية المهينة لله والعقل والروح؟ أنا لدي تصور واسع لما سيقول: المرأة والعبودية والحروب وسب الكفار وووو... عبث طفولي.
بعدها دخلت مضمار العمل خلال دراستي ثم سافرت و أخذتني الدنيا .. كنت منشغلا اما بالعمل او بالسهر او بالقليل من القرآئة على النت حيث تعرفت سنة ٢٠٠٦ تقريبا على بن كريشان بالصدفة و بدأت اتابعه و تابعت أيضًا بعدها المنتدى الام و لكن ليس بشكل معمق لأني كما السابق كنت مأخوذا بالعمل او بالسهر حيث عادت حياة الرغد و الحفلات الى سنه ٢٠١٠ حيث حصل تحول كبير
بن كريشان لمن لا يعرفه هو ملحد إماراتي على حد علمي، تم ايقاف اعماله المهينة للعقل والروح والقلب، ناهيك عن الدين والله. هذا بن كريشان الوقح كان يسمي بعض ليالي رمضان بالجافة لأن محلات الخمور التي يتجرعها بكثرة تغلق أبوابها قسراً. هذا الإنسان قرأت له كل اعتراضاته تصح أن تطلق على تصورات منحرفة عن الله موازية لتصورات الوثنيين، لا تصورات الإسلام الحنيف. وطبعاً ملحوظة: لاحظوا اثر الانترنت. ولنلاحظ دور الحوادث التي تؤدي للتحول المتشدد. لنتابع معاً.
كنت عائدا و انا في حالة سكر الى المنزل و نمت في الطريق فاستضمت السيارة بحافة الطريق و أتت الشرطة و اخذوني و حوكمت و دفعت الكثير من المال لأخرج من هذه المحنة ..
نعم دفعت الكثير و عليه انتهت حياة الرغد التي كنت اعيشها و لازمت المنزل و العمل لعدم قدرتي على الصرف حتى اعوض الخسائر التي قدرت بما يعادل أربعين الف دولار..
الخمر، وما أدراك ما الخمر؟! ما علة تحريمها إلا انها مذهبة للعقل فهي خبيثة من خبائث الشيطان، وسبحان الله الذي جعل الخمر جزءاً من عمل الطبيعة، فإذا بالشيطان يدس للإنسان أن لك أن تشربها فتعيش في عالم الأوهام ويذهب عقلك.
لدي تدقيق املائي: هي "اصطدمت، وليست استضمت" فكيف بمن يجهل العربية أن يفهم القرآن أصلاً؟! لن تكون قراءته أكثر من ترتيل لنصوص مقدسة أو قراءة لجريدة! وسبحان الله، أدخله حادثاً كاد يفقد حياته فيه، فلم يتعظ، فعلاً إلهي ما أكرمك، ولكن الشياطين لا تزداد إلا كفراً.
خلال تلك الفترة لم يكن أمامي سوى القرائة و الشبكة التي دلني عليها الغراب الحكيم و استمر الحال هكذا و تعمقت اكثر و اكثر و هنا بدأت اعرف بالضبط ما حدث معي و بدأت تتسع قرائتي و بدأت افكر بواقعية و بعقلانية اكبر و أحسست بان عندي رسالة .. رساله ضد هذا الدين و هذا الاله الذي ينموا في عقول المؤمنين حيث ساعدني على تبني الموقف Zoro Diego و عادل احمد
هنا يعلن ابليس انتصاره، فقد اعلنها صاحبنا: "عندي رسالة ضد هذا الدين وهذا الإله الذي *ينمو* في عقول المؤمنين"، ومن ساعده؟ الشياطين الثلاثة: الغراب الحكيم، وزور دييغو، وبالتأكيد الناعق عادل أحمد. هؤلاء القرود الثلاثة باختصار من رؤوس الإلحاد، ورؤوس الإلحاد تمتاز بتفاهة فكرية عالية ولكنها كالمجوهرات المزيفة، لا قيمة لها إلا ان بريقها يخلب اللب، وما أن تحاول بيعها تكتشف أن بضاعتك مزجاة بل أنك مضحوك عليك. وسبحان الله، فالشيطان لا يبيع بضاعته إلا لضحاياه ولشياطين مثله. وهذا الحال واضح أعلاه. وهنا يبادرني تساؤل: هل صاحبنا شيطان أم ضحية لشيطان؟ أم كان ضحية وتحول لشيطان؟
انا لست حزينا على حياتي السابقة بل بالعكس انا فخور بالقهر الذي عشته في التسعينات و الذي علمني انه من القهر نحس بقيم الحياة و انا و بالرغم من كل ما واجهته من ضغوط في بدايات الألفين الى فترة سفري كنت أضع الأسس لتكوين شخصيتي التي ترونها اليوم
تعليقي
أعزائي لست ذلك المثقف الكبير و لست ذلك العارف و المفكر الجهبذ و لكني احاول ان أضع امام أعين الناس أمرا قنعته و قبلته
" الغيب ما هو الا شماعة لنا و لأخطائنا و لألامنا و لكل ما لا نقبله فما هو الا كذبة و انا ان كذبت على الدنيا كلها فلن اكذب على نفسي "
الغيب هنا يقصد بها الميتافيزيقا، مع إني أعلم بأن العلم الإلحادي قائم على بعض الغيبيات. وكلامك يا فهيم عاطفي نرجسي لا يُصح أن يؤخذ به، ولن يتأثر به إلا من سفه نفسه.
والسلام ختام.
ولا حول ولا قوة إلا بالله