بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
سأجيب اليوم على التساؤلات التي تم طرحها في صفحة المدونة على الفيسبوك
على إني لا أدعي امتلاك الجواب الشافي النهائي، ولكني أزعم امتلاك المنهجية العقلية التي تقدم الحل للمشكلة أو على الأقل أمتلك منهجية تضعني على الطريق الصائب في البحث
متابعة شيّقة
السؤال الأول:
اخي انا اريد ان افهم مفهوم الالحاد تفصيليا حتي استطيع الرد علي الملحد، واريد ان اعرف هل اجادل الملحد ام اتركه.
الجواب:
قبل أن أجيبك على مسألة تعريف الإلحاد، يجب أن نفهم مشكلة متى يجب علينا أن جدال الملحد ومتى يجب أن نتجنبه. سأجيبك من خبرتي التي بدأت من عام 2010 في مجال الإلحاد والنقاشات ودعني أوضح لك حقيقة مرّة لاحظتها عبر 6 سنوات من متابعة المناظرات والجدالات والنقاشات على مختلف أنواعها، أن أسوأ وسيلة لاظهار الحق هي المناظرة والجدال لأن اسباب النصر ستكون حليفةً لمن يملك سرعة بديهة اكبر وحفظاً اكثر، بل وحتى قدرة لسانية أعلى. وبالتالي فالجدال بحد ذاته مضيعة للوقت. اذن ما البديل؟ البديل هو النقاشات المطولة التي تمتد لأيام وشهور بل وحتى سنوات. لأن الأفكار الكلية الوجودية لا يمكن أن نصل بها إلى نتيجة واضحة فوراً، فهي يجب أن تختمر داخل الإنسان وتنضج كي تعطي أُكلها.
الآن ننطلق للشق الثاني: ما هو الإلحاد؟
لكل كلمة هناك معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، فالإلحاد لغة هو الميل، بمعنى الإنحراف عن طريق معين، واصطلاحاً هو قلة أو عدم الإيمان بالله. وبالتالي فالملحد يدخل تحته كلّاً من الربوبي المؤمن بوحدة الوجود (مثل اسبنوزا)، واللاأدري، والناكر لوجود الله بالمطلق: الملحد المادي. والإلحاد كفلسفة هو منهج مادي عدمي عبثي لا غائي، تكون الغاية فيه مختلقة ومفترضة، والعدم فيه هو السيد، والنسبية المطلقة هي الحاكمة. فلا ثوابت ولا مرجعية ولا أي شيء. كل شيء قابل للتغير.
ولو ربطنا ما سبق مع الفقرة الأولى سنصل إلى أن نقاش الملحد هو ضرب من العبث لأن الملحد نفسياً متكبر على الله ومتكبر على أي مفهوم عقلي وأي دلالات علمية وبالتالي فلا فائدة من جسد بلا قلب ولا روح. ونصيحتي لمن يناقش الملحدين أن يدعهم في غيّهم يعمهون.
السؤال الثاني:
من الاشياء التي تثبت صحة الاسلام انشقاق القمرفي ايام الرسول ووكالة ناسا علمت بالامر لكن اخفته ده صح وايه مصدره وشكرا
الجواب:
نحن نتسائل هنا وفق أطر العلم الحالية، ولكني وفق إيماني الشخصي مؤمن بأن القوانين الفيزيائية قائمة على الاحتمال وبالتالي هي ليست ضرورية بذاتها، بمعنى أن القانون ممكن أن يتخلف عن الوجود بسهولة. وبالتالي فلا يوجد أي مانع من شق القمر واعادة لحمه دون أن يؤثر هذا عليا قيد أنملة. وناسا لم تتحدث عن شق القمر ولا عن ما يروجه دعاة الاعجاز العلمي على حد علمي، بل هي شقوق وصفتها بشقوق قديمة على ما أذكر، وهي لا تخفي أو تنكر، بل تقول بأن هذا لم يحدث كما ورد على هذا الرابط:
فلا تصدق كل ما ينشره البعض على الانترنت بل عليك المطالبة بمصادر لا تعتمد على مقالات الجرائد بل على البحوث المنشورة وتحليلها.
السؤال الثالث:
نستدل كمؤلهين على الحياة بعد الموت أن هذا الكون قد كانت له بداية (الانفجار الكبير) وبأن ما له بداية فلا بد له من نهاية.. بحكم أننا وهذا الكون ممكنو الوجود! ومن صفاتنا عدم الأزلية ولا السرمدية فكان لا بد لنا من نهاية (كأناسيّ) فكيف ننتهي (بالموت) ثم يحيينا الله ويكون لنا (الخلود) في الحياة الآخرة؟ أليس هذا مناقض لفهمنا عن (ممكن) الوجود؟ فإن قلت بأن قوانين الآخرة مخالفة عن الدنيا، فلمَ لا يخالف الكون قوانين هذه الحياة ويبقى سرمدياً بلا نهاية؟
الجواب:
هذا الموضوع من أكثر المواضيع التي رأيت فيها إشكالات، فقد اختلف العلماء حول طبيعة البعث، ولكني ولأني متأثر بملا صدرا، فحقيقةً لا أجد في هذا مشكلة، لأن الحياة والموت حالات وجودية مخلوقة بمعنى أن طبيعة الوجود التي نحن فيها تتضمن الحياة والموت بنص القرآن. بينما عندما ننتقل للجنة، فنحن سنتحول لطبيعة وجود أخرى، صحيح أن فيها أجساد وأرواح، ولكن درجة الوجود هناك ستختلف، فإن تشابهت الألفاظ لا يعني أن درجة الوجود تتشابه. وحتى تفهم درجة الوجود تخيل معي مصباحين، أحدهما عالي الشدة والثاني ضعيف الشدة، فصحيح أن الضوء يخرج من المصباحين، ولكن لا يمكن مساواة الضوء من الأول بالضوء من الثاني إلا في بعض الصفات الخاصة بنفس الضوء. وبالتالي فالحياة والموت هي صفة من صفات وجودنا، وإلا لما وجدت شخصيات لم تمت حسب الفهم الإسلامي مثل الشيطان، والخضر عليه السلام. فالقضية فيها نظر عزيزي.
ولي عتب عليك: فأنا كتبت إني لا أجيب عن الأمور الإسلامية ولكن من يطرق الباب يسمع الجواب، ولن أتعمق أكثر من هذا لأن المسألة ستتعقد وستفتح أبواب أخرى.
السؤال الرابع
أين تكمن المشكلة عند الملحدين في وجود الإله ؟!!
هل لأنهم يعتبرون ذلك استخفاف بالعقل البشري ؟
أم لأن من توابع الإيمان بوجود الإله يحتم عليهم حياة مقيدة بشرع الإله ؟!
الجواب:
حقيقةً هذه هي الاسئلة التي أريد أن أقرأها وأفكر في جوابها فهي ما تنفع وتساعد في حماية الإنسان من انحراف الإلحاد.
بالنسبة لمشكلة وجود الله (كإله) عند الملحد فهي مساوية للعبودية حسب منظاره وهذا ما قاله علناً بسام البغدادي على سبيل المثال. فوجود الإله بكل بساطة يقول للملحد أنت لست سيد نفسك وأن هناك شرع مقيّد. وطبعاً حتى يبرر الملحد الحاده يصف الإيمان بالسخافة وفكرة الله بأنها وهم، فهذه بنظره اسباب كافية لدعم الإلحاد وأن على الإنسان بالمقابل تقبل العدمية والعبثية. ولكن وللأمانة، فالملحد المراهق يختلف عن الملحد الدوجماطيقي، والمراهق هنا لا أقصد به المراهق عمراً، بل المراهق على الصعيد النفسي وما أكثرهم في يومنا هذا.
السؤال الخامس
في الحقيقة لا شك ان لكل البشر سواء ملحدين ام مؤمنين فلا بد ان يكون هنالك تساؤلات ومراودات مختلفة نسبيا تجاه قضية الايمان بالله ، بالنسبة لي ان اكثر التساؤلات المطروحة في ذهني تتعلق بقضية ماهية الجنة والنار والثواب والعقاب ، وهل هي وصفت في الكتب السماوية وبالذات في القرآن بهذه الاوصاف للترغيب والترهيب فقط ؟
الجواب:
حقيقة لقد أوضحت إني لن أجيب على تساؤلات اسلامية ولكن لقلة التساؤلات ساضطر للاجابة. هل الجنة والنار ذكرهما الغرض منه التحذير والترهيب والترغيب والتحفيز فقط؟ كلمة فقط فيها حصر لا معنى له، لأن القرآن كرسالة الله النهائية لخلقه يوضح أن الجنة والنار مستقر ودوام وهما الحيوان، وبالتالي فالترغيب والترهيب ضروري لتبيان مسألة مهمة مثل هذه، وبنفس الوقت توضيح ماهية الحساب عموماً وما سيلقاه الإنسان.
وماهية الجنة والنار حسب فهمي الديني من القرآن: الجنة والنار هما حقيقة أعمالك الدنيوية حيث تتخذ شكلها الأخروي الأبدي أو المؤقت. ولو تأملت في علم التربية والنفس ستجد أن التحفيز والترغيب والترهيب من أهم وسائل دفع الإنسان للتغير، وبالتالي فربط المؤمن بغاية مطلقة مثل الجنة، سيكون أكبر عامل محفز للتقدم.
والله ولي التوفيق.