بسم الله الرحمن الرحيم
يقوم الإطار الفكري التطوري على أمور مهمة في إثبات الأصل المشترك والتطوّر بشكل عام:
الأولى: التشابهات بين الكائنات بشتى أنواعها.
ثانياً: وجود معلومات لا قيمة لها كونها بقايا التطور والانتقاء الطبيعي
ثالثاً: العشوائية في بعض الامور مثل الفيروسات القهقرية
اليوم سنختبر أحد مزاعم الدراونة حول قضية يحاولون أن يثبتوا فيها أن الأصل المشترك بين الإنسان والشمبانزي حقيقة، وأن الدليل الذي يملكوه هو الدليل النهائي الذي سيقضي على أي نقاش آخر.
موضوعنا اليوم هو حول الينقولات
Transposons
يعتبر الإطار الفكري التطوري أن الينقولات مجرد سلاسل طويلة مكررة لا معنى ولا وظيفة لها بل ويذهب البعض إلى أنها خطيرة. هذا هو الزعم التطوري. هل سيصمد هذا الزعم أمام البحوث العلمية؟
قراءة ممتعة
قبل أن نشرع بالرد، شاهدوا هذا الفيديو الدارويني:
https://www.youtube.com/watch?v=_Ol492CLkdY
https://www.youtube.com/watch?v=_Ol492CLkdY
تحت عنوان:
Evolution: Genetic Evidence - Transposons
فبعد هذا الزعم، يجب أن نقرأ بعناية ونعيد تقييم الدليل وفق آخر المعطيات.
أفضل حجّة للتطور، أصبحت كابوساً له. كيف يمكن للينقولات الفاعلة Functional Transposons دحض "الحمض النووي النفاية" وتطوّر الإنسان.
يتوهّم التطور على نطاق كبير أن كائناً أحادي الخلية يمكن أن يتطور في النهاية إلى إنسان عبر عمليات طبيعية. وقد تم تقديم خصائص جينية فريدة تدعى بالينقولات كدليل قاضي على أن هذا الارتقاء حصل في البشر، ولكن نظرة مقرّبة للمعلومات الحديثة تظهر أنها تقف بقوة في وجه التطوّر.
توسع الجينوم عبر نشاط الينقول
تحتوي الينقولات على عدة طوائف من الحمض النووي DNA والتي تبدو على أنها تم نسخها، ضفرها، ثم إعادة إدخالها في الجينوم. مشاراً إليها أحياناً بالجينات القافزة jumping genes، فإنها توجد في كل النباتات والحيوانات. بينما بعض الينقولات غير فاعلة، إنما الكثير منها فاعلة. فهي تملك ألفة لتغيير موقعها إلى مناطق محددة من الجينوم.
وقد رصد العلماء أن عملية نسخ وضفر الينقولات تحدث بسرعة، والذي يناقض السيناريو التطوري التقليدي حول التغير البطيء والتدريجي (1). ويبدو أن النشاط السريع للينقولات خاضع للتحكم بواسطة برنامج خلوي محدد والذي ليس بنتيجة للطفرة مع الانتقاء، وليس جزءاً من التطور كما تم وصفه.
في وقت قصير – بالتناسب مع أقل من دزينة تقريباً من الأجيال – فإن الينقولات يمكن أن تضيف المزيد من الحمض النووي للمجموع السكاني، مضخمةً الحجم الكلي للحمض النووي بدون إضافة أي جينات جديدة. ويبدو أن بعض الأنواع تمتلك حجوما كبيراً من الحمض النووي والتي تم تجميعها بتلك الطريقة. حوالي 44% من الحمض النووي البشري يحتوي على عناصر مكررة، الكثير منها أتى من الينقولات.
تلك المتسلسلات الواسعة عبارة عن كتلة مكررة من الحمض النووي المتطابق. ويؤمن الكثير من التطوريين أن تلك التكرارات عبارة عن متسلسلات عشوائية، وملائمة بشكل مفيد للعمليات التطورية حتى تنسبك وتتطور إلى خصائص جينية جديدة. وعلى كل حال، فقد تبين حالياً أنهن على قدر جيد من الفائدة. وهكذا، إن كان على التطور أن يعدّلهم بالطفرات العشوائية، فبدلاً من أن يقود هذا لتحسين الجينات، فإنه في الحقيقة سيقتل المضيف.
مصدر الصورة: http://myweb.rollins.edu/jsiry/transposon.gif
الينقولات في الشمبانزي – بقايا من الماضي التطوري؟
بشكل مثير، فإن الإنسان والشمبانزي يشتركان بعضاً من الينقولات المتطابقة تقريباً والتي توجد في كروموسومات متشابهة شكلاً. كيف وصلت الينقولات إلى هناك يا ترى؟ يصر التطوريون على أن "الفيروسات القهقرية القديمة ancient retroviruses قد قامت بدس قطعٍ صغيرةٍ من حمضها النووي في جينوم الرئيسيات قبل ملايين السنين. (2)" وبالرغم من إصرارهم على كون كلامهم حقيقة، فكون ينقولات اليوم أتت من فيروسات البارحة عبارة عن مجرد تخمين.
ومن المفترض أن بعض الينقولات قد دخلت الشمبانزي والإنسان بواسطة عدوى فيروسية عندما كانا كليهما جزءاً من نوع سلفي واحد. لاحقاً، افترق الإنسان والشمبانزي من ذلك السلف الرئيسي primate ancestor. ولهذا، فقد تم استخدام نفس سلسلة الينقول في النوعين كدليل على أن الإنسان والشمبانزي أتيا من سلفٍ مشترك. وإذا ما تحوّل الإنسان من كائن رئيسي سابقٍ ما، فإن الصورة الكبيرة للتطور صحيحة. وقد كان هذا من أحد أفضل حجج التطوريين.
وقد ظُنّ أيضاً أن الينقولات قامت بالتزويد بالحمض النووي النفاية على مر عصور من الطفرات حتى انتظمت في الخصائص الجديدة، مشكلة الأشكال الحية المتنوعة اليوم. ولكن أظهر العلم أن تلك الينقولات الطويلة المكررة مفيدة بحد ذاتها بل وحتى ضرورية. فالاحتجاج بأن الينقولات تبرهن على السلف المشترك، وأنها توفر مواد الخردة للارتقاء التطوري، ستمتلك الاستحقاق فقط ما إذا كانت الينقولات غير مفيدة بشكل كبير.
مصدر الصورة: https://www.crowdedcomics.com/sites/default/files/styles/view_cartoon_with_caption/public/captions/7074.jpg
ينقولات ذات وظيفة
لقد زودنا العقد الماضي بقائمة من الأمثلة على وظائف الينقول، متضمناً الاكتشاف عام 2006، حول ينقول مشترك في كل الثدييات (حتى في الأحفورة الحية المعروفة بـ coelacanth) ينظم جين نمو الخلية العصبية (4). وقد تم إيجاد ينقولات تنظم معدل التعبير expression rates لنواتج جين النبات (5).
وقد تم تأكيد كون الينقولات ضرورية في نمو الطفيليات الصغيرة أحادية الخلية عام 2009. وقد كتب مؤلفو الدراسة: "هذه الينقولات قد لا تكون بالكاد غزاة طفيلية التي تقلل من لياقة fitness المضيف أو لا تملك تأثيراً صغيراً على النمط الظاهري، ولكنها وبدلاً من هذا تتبادل المنفعة مباشرةً مشاركةً وظيفة مفيدة للكائن الحي، مثل معالجة الحمض النووي الجينومي (6)." وقد وجدوا أن تلك الينقولات "تحفز إعادة تنظيم شبه أكروباتية لكامل الجينوم والتي هي ضرورية للكائن الحي كي ينمو (7)." وهكذا، إذا ما كان لهذه الينقولات وظيفة في تلك الكائنات، هل يمكنها أن تلعب أيضاً أدواراً مهمة في الإنسان والشمبانزي؟
منشوراً في مجلة Nature Genetics، وجد فريق دولي من الباحثين مقاداً من قبل عالم الجينات غيوف فولكنر Geoff Faulkner أن في نسيج الكائن الثدي ما بين 6 و 30% من مُنتَسَخات transcripts الـ RNA مصدرها من الينقولات القهقرية retrotransposons (أو العوامل الوراثية المتنقلة القهقرية) وليس الجينات (8). والينقولات القهقرية هنّ صنف من الينقولات.
مصدر الصورة: http://www.the-scientist.com/july2013/ocean-opener.jpg
وقد صرّح فولكنر في النشرة الصحفية لجامعة كوينزلاند University of Queensland قائلاً: "أظهرت نتائجنا أن الينقولات القهقرية التي لم تعد قادرة على أن تتحرك حول الجينوم، ربما ما يزال يتم تعبيرها في نطاق واسع من الخلايا، وهكذا فإنها تنظم تعبير الجينات القريبة (11)." وبهذا فإن المنتسخات المشتقة من الينقولات مهمة جداً للخلايا.
في الواقع، فإن سلاسل الحمض النووي الطفيلية من فايروس قديم ما، يجب أن تنتج نفاية لا فائدة منها، وليس مواد مهمة حاملة للمعلومات. فكرة أن الينقولات أتت من عدوى فيروسية ولكنها لاحقاً تعلمت استخدامات في داخل المضيف تم تعميدها في التطوّر باسم "التكيّف المسبق exaptation". ولكن هذه الخلاصة تخمينية، غير خاضعة للمشاهدة، وغير منطقية. بدون تنظيم الجينوم الملائم المزوّد من قبل الينقولات والتي هي سليمة أصلاً ومتكاملة بشكل كامل في الجينوم، فالكائن قد يموت.
وبالقياس، فإن نسخاً من فيروس الحاسوب على القرص الصلب لا تحسن البرنامج أو الأداء، ولكن بدلاً من هذا تؤذيه. البرامج المفيدة تأتي فقط بواسطة التخطيط والجهد. لقد أظهر العلم أن الينقولات عبارة عن برامج بيولوجية مفدة. ولكن هذا يعني أنها لم تأتِ من فيروسات، بالرغم من الصحافة المشهورة المناقضة (12). وبدلاً من هذا، فإنها تبدو آتيةً من نظام مصمم مسبقاً ومتكاملاً في أجزاء الجينات التي تتحرك تحت تنظيم صارم، والتي بدورها تنظم أنظمة أخرى.
الجينوم كاملاً، غني بالمعلومات.
السبب أن كلا من الشمبانزي والإنسان يمتلكان ينقولات متشابهة في كروموسومات متشابهة يمكن أن يكون بسبب أن المتسلسلات تم ترجمتها لخدمة وظائف بيولوجية متشابهة. أو أنهما تبعا أنماطاً بيولوجية مهمة متشابهة عندما تم نسخهما وادخالهما، لأسباب غير قابلة بعد الآن للإدراك.
ولأن الينقولات لم تأتِ من فيروسات قديمة، ولكنهن وبدلاً من ذلك عبارة عن أجزاء ضرورية من الجينوم، فلا يمكن بعد الآن استخدامها لدعم الإيمان أن الشمبانزي والإنسان تطورا من سلف مشترك. وهذا يعني أن أحد أفضل حجج التطور قد انهارت، مثل سائر طابور الاستعراض السابق المعروف بالحجج "الأفضل" (13).
إن تقليل رتبة الينقولات كدليل تطوري يذكرنا بالحجة الساقطة القديمة "العضو الأثري". تم الاستشهاد بمئة وثمانين 180 عضواً بجسم الإنسان على أنها بقايا من الماضي التطوري، ولكن كل منها وجد له وظيفة مهمة، متضمناً الزائدة الدودية واللوزتان (14). الآن، هذه الفسحة من المواد الجينية تُعتبر الآن مليئة بالمعلومات، فإن مفهوم الحمض النووي النفاية يجب هجره، وهذا ما بيناه في مقالات سابقة حسب نتائج مشروع إنكود ENCODE. وبدون مواد جينية احتياطية له كي تحد الطفرات، ما هي الآلية التي بقيت للتطور على النطاق الكبير والتي يمكن استخدامها لإنتاج التنوع الأحيائي المشهود اليوم؟
إنه من الصعب، ما لم يكن من المستحيل، تخيل يمكن أن ينسبك التطور مع الينقولات دون تشويش تنسيقها، والذي هو جوهري لأشكال الحياة. ولكنه من الأسهل الآن أن الخلق الأصلي – مثل أوائل الشمبانزي، النباتات، وحتى اشكال الحياة أحادية الخلية – تم تصميمها بعناية بمهارة، مراراً وتكراراً بواسطة مهندس عبقري.
References
1. Kalendar, R. et al. 2000. Genome evolution of wild barley (Hordeum spontaneum) by BARE-1 retrotransposon dynamics in response to sharp microclimatic divergence. Proceedings of the National Academy of Sciences. 97 (12): 6603-6607.
2. Schmidt, K. and T. Stephens. Ancient Retroviruses Spurred Evolution of Gene Regulatory Networks in Primates. Center for Biomolecular Science & Engineering, University of California Santa Cruz press release, November 14, 2007.
3. Walkup, L. K. 2000. Junk DNA: evolutionary discards or God's tools? Technical Journal (now Journal of Creation). 14 (2): 18-30.
4. Bejerano, G. et al. 2006. A distal enhancer and an ultraconserved exon are derived from a novel retroposon. Nature. 441 (7089): 87-90.
5. Takeda, S. et al. 1998. Transcriptional activation of the tobacco retrotransposon Tto1 by wounding and methyl jasmonate. Plant Molecular Biology. 36 (3): 365-376.
6. Nowacki, M. et al. 2009. A Functional Role for Transposases in a Large Eukaryotic Genome. Science. 324 (5929): 935-938.
7. MacPherson, K. Research team finds important role for junk DNA. News at Princeton. Posted on princeton.edu May 20, 2009, accessed January 18, 2010.
8. Faulkner, G. J. et al. 2009. The regulated retrotransposon transcriptome of mammalian cells. Nature Genetics. 41 (5): 563-571.
9. Moore, M. J. and N. J. Proudfoot. 2009. Pre-mRNA Processing Reaches Back to Transcription and Ahead to Translation. Cell. 136 (4): 688-700.
10. The ENCODE Project Consortium. 2007. Identification and analysis of functional elements in 1% of the human genome by the ENCODE pilot project. Nature. 447 (7146): 799-816.
11. International team cracks mammalian gene control code. University of Queensland press release, April 20, 2009.
12. Most professional and lay scientists still believe that transposons are virally derived, and probably will for a long time to come. See Zimmer, C. Hunting Fossil Viruses in Human DNA. The New York Times. Published online January 11, 2010, accessed January 18, 2010.
13. Wells, J. 2000. Icons of Evolution. Washington, DC: Regnery Publishing, Inc.
14. Bergman, J. and G. Howe. 1990. "Vestigial Organs" Are Fully Functional. Chino Valley, AZ: Creation Research Society.