الاثنين، 26 فبراير 2018

التدين الطقوسي والفقه

بسم الله الرحمن الرحيم

نُكمِل اليوم مع نظرية التدين الطقوسي
ونقف على ارتباط الفقه بالتدين الطقوسي 
قراءة ممتعة


من الصعب على الناس تقبل انفصال الفقه عن التدين، فالفقه تداخل وتشابك بشكل كامل مع جميع مناحي الحياة والتفكير مما أدى إلى تحوله إلى إطار فكري أو عَقَدَي إن صح التعبير.

لكن السؤال الذي يجب أن تتم الإجابة عليه وببساطة هو الآتي: لماذا أصلاً هناك تداخل بين الفقه والطقوسية؟ أليس الفقه نظاماً قائماً يعتمد على النصوص المقدسة وأدوات منطقية؟ وبالتالي فلا معنى أصلاً لارتباطه بالطقوسية لا من قريب ولا من بعيد!

أقول: كل ما ورد أعلاه صحيح ومعلوم سلفاً، لكن الناظر لتلك المسألة أغفل عاملاً مهماً ألا وهو المستخدم للأدوات الفقهية، أو ما يُعرَف بالفقيه. وبالتالي فالنتاج الفقهي متأثر بالعامل الإنساني بشكل مباشر، شاء من شاء أو أبى من أبى.

في نقطة استطرادية، التأثير الإنساني لا يظهر في استخدام الأدوات بل يظهر في الانتقاء منها والتساهل أو التشديد في تطبيق شروط النظام الفقهي المعرفي. وكل ما اعتمد على الرأي تحول إلى العبثية في مرحلة من مراحله. 

نعود لأصل المسألة. وبالتالي فالقضية ليست في ذات الفقه بل في المستخدم والمتلقي! أقولها وبكل جرأة، إن الفقهاء لهم سلطة فكرية ونفسية على أتباعهم لا ينافسهم فيها أحد تقريباً. هذه السلطة لم تأتِ بسبب تأثير حقيقي يملكه الفقهاء٫ بل أتت ،ببساطة بسبب ارتباطهم المباشر بما يقدسه الشخص. طبعاً ليس هدفنا هنا نقاش تأسيس التقديس والعقائدي، فذلك موضوع آخر أشبعه الآخرون بحثاً مثل أركون وطرابيشي. 

وبالعودة لمقدمة التدين الطقوسي المنشورة سابقاً، فنحن قد أسسنا لمفهوم احتكار النموذج المعرفي وأن الطقوسي لا يرى العالم إلا من خلاله. وبالتالي فارتباط الفقهاء بذلك المقدّس الذي يقدِّسه الطقوسي يجعله يقبلهم كمصدر للسلطة الفكرية وجهة موثوقة كونهم حرّاس اطاره الفكري ومطبقي نموذجه المعرفي. ،إن تأملت عزيزي القارئ ستفهم لماذا لا يطيع اتباع مذهبٍ فقهاء مذهب آخر وإن شُهِد لهم بالصلاح والتقوى. 

وربما يأتي أحدهم فيصفني بالطقوسية المعاكسة كوني أنتقد الفقهاء والعوام وفق إطاري الفكري ونموذجي المعرفي. جوابي على هكذا اعتراض: لقد فقدت التيارات الدينية القدرة والمرونة وبالتالي فقدت الصلاحية، فهن يحتجن بنظري إلى الكثير كي يعدن ثقتي بهن. وبهذا فانتقادي ليس سوى ابراز لقضية فقدان الصلاحية مما يُفقِد المبرر للتمسك بتلك التيارات وإن كان وعدها الجنة!

ختاماً، ليس لنا مشكلة مع مجلدات بحوث أحكام الطهارة والنفاس والزواج والطلاق والنكاح، فنحن نصنفها ضمن الرفاهية الفكرية. مشكلتنا ببساطة مع من يريد فرض نمطه على الآخرين دون امتلاك أدنى دليل صلاحية سوى تأويل النصوص وتحريف الكلم عن مواضعه والتمسك بالضعيف ومصادرة المعرفة والتعميم.

ودمتم بود.