الجمعة، 10 نوفمبر 2017

الباحثون المسلمون وتدليس البحث العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

هل يمكن الدعوة إلى الله عن طريق نسخ ولصق الكلام دون مراجعة؟ هل يكون البحث علمياً فقط إن تم لصق روابط "علمية" فيه؟ 
الجواب لا.
في مقالي هذا فإني أقدم محاكمة لمنشور كتبه الباحثون المسلمون. منشورهم هذا يدعي امتلاك الدليل التجريبي على صحة حديث النبي حول نجاة من يأكل التمر من السموم.
قراءة ممتعة

تحديث: لقد قام الباحثون المسلمون بتزويد المتابعين بنسخة البحث الأصلي (اضغط هنا). الملاحظ أن اعطاء خلاصة التمر لم تستطيع انقاذ الفئران كلياً. الأهم من هذا، لم نجد بحثاً يطبق نتائج هذه الدراسة على البشر. فخلاصة الموقف باختصار لا نستطيع اثبات فعالية التمر أبداً حتى على الفئران بشكل مطلق.

في 8-11-2017 قام الصفحة المسماة الباحثون المسلمون، بنشر مقال حول فوائد التمر على صفحتهم. إضغط هنا لقراءة مقالهم. وفي منتصف المقال قالوا الآتي:


إنّ تناول التمر من السنن المؤكدة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تعددت الأحاديث في فوائده الصحّية، منها ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَة تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلاَ سِحْر). لكن يستغل بعض الملاحدة الجهلة المدّعين للعلم قلةَ تفقّهِ الناس في علوم الدين والدنيا ليردوهم عن دينهم؛ فجئنا لكم بما تودّون معرفته لألا يستغفلكم المضلون، بسم الله نبدأ.

ثم جاءوا ببحث علمي منشور في مجلة علمية مُحكَّمَة، وكتبوا ما يلي:




قد وُقِفَ على بعض الأبحاث التجريبية العامة التي تدل على النفع العام للتمر من آثار السموم:
1- ومن ذلك ما قام به كلٌّ من: (الدكتور عبدالكريم السلال، والدكتور زهير، والدكتور أحمد ديسي)، بنشر بحث محكّم في مجلة (Biomedical Letters) في جامعة (Cambridge)، بعنوان: "دراسة تأثير خلاصة التمر على إبطال مفعول سُمّ الحية والعقرب"، فكان في خلاصة الدراسة أنه: "أُعطي أربعة متطوعين (9-11) حبة تمر لكل منهم، وأُخذت عينات من دمهم قبل أكل التمر وبعده بحوالي (4 - 5) ساعات؛ فكشفت الدراسة أنّ عينات الدم التي أُخذت منهم بعد تناول التمر كانت مقاومة لسمّ الأفعى بنسبة (83%)، وأنّ نسبة امتصاص الهيموغلوبين لسمّ الأفعى وتأثيره على (3%) من خلايا الدم الحمراء قبل تناول التمر كانت (0.542)، وبعد تناول التمر أصبحت (0.09)، وقد وجدت الدراسة أو التجربة أن إعطاء (5%) من خلاصة التمر أبطلت حوالي (34%) و(71%) من النشاط السُمّي للأفعى والعقرب على التوالي، وأن (20%) من خلاصة التمر أحبطت المفعول بنسب (87%) و(100%)."
وللنظر في تفاصيل هذه الدراسة المنشورة باللغة الإنجليزية يمكن مراجعة المرجع الآتي، وقد تُرجمتْ خلاصته فيما سبق:
https://www.researchgate.net/publication/281665087_Inhibition_of_haemolytic_activity_of_snake_and_scorpion_venom_by_date_extract?_e_pi_=7%2CPAGE_ID10%2C6207579048


Abdul-karim j. sallal. A Zuhair S. Amr. A Ahmad M Disi, Inhibition of haemolytic activity of snake and scorpion venom by date extract, Biomedical Letters, 55, 51 - 56, 1997

وفي الأسفل صور للمنشور للتوثيق:





فعلى ما يبدو أن الهدف من المقال هو إثبات صحة الحديث النبوي حول قدرة التمر على منع السموم عند تناوله صباحاً. طبعاً لن نناقش هنا صحة الحديث من عدمه، بل سنناقش المصدر الذي تم الاستدلال به، وما الذي قام به "الباحثون المسلمون" أثناء كتابة المقال، وبالتالي هل يمكن الثقة بمقالهم هذا أم لا. 


أولاً- عنوان البحث:
Inhibition of haemolytic activity of snake and scorpion venom by date extract

وترجمة العنوان كالآتي: 
تثبيط النشاط الانحلالي لسم الثعبان والعقارب عن طريق خلاصة التمر. 

بينما هم قالوا في خلاصة البحث أن أربعة متطوعين تناولوا التمر. علمياً خلاصة التمر غير التمر فما هو تعريف كلمة Extract علمياً:

Oxford Dictionaries: Obtain (a substance or resource) from something by a special method.
‘lead was extracted from the copper’

وبالتالي قد يكون المستخلص ايضا عصير. وبهذا فعنوان البحث لا يقول تمر، بل يقول خلاصة التمر وهذه أول مشكلة. 

ثانياً- خلاصة البحث:

Various concentrations of date extracts were found to inhibit the haemolytic activity of the venom of Cerastes cerastes and Leiurus quinquestriatus. Of the inhibitory factors to haemolysis 80% were retained in the 5,000 x g 30 min supernatant, and 60% of mice injected with LD100 of C. cerastes venom and fed with dates survived. No cross reactions between the anti-venom and a date-treated venom were observed.


خلاصة الباحثون المسلمون
ترجمة الخلاصة من موقع ResearchGate
"أُعطي أربعة متطوعين (9-11) حبة تمر لكل منهم، وأُخذت عينات من دمهم قبل أكل التمر وبعده بحوالي (4 - 5) ساعات؛ فكشفت الدراسة أنّ عينات الدم التي أُخذت منهم بعد تناول التمر كانت مقاومة لسمّ الأفعى بنسبة (83%)، وأنّ نسبة امتصاص الهيموغلوبين لسمّ الأفعى وتأثيره على (3%) من خلايا الدم الحمراء قبل تناول التمر كانت (0.542)، وبعد تناول التمر أصبحت (0.09)، وقد وجدت الدراسة أو التجربة أن إعطاء (5%) من خلاصة التمر أبطلت حوالي (34%) و(71%) من النشاط السُمّي للأفعى والعقرب على التوالي، وأن (20%) من خلاصة التمر أحبطت المفعول بنسب (87%) و(100%)."
وجِد أن مختلف التركيزات من خلاصة التمر منعت النشاط الانحلالي للسم القَرْناءُ الأُفْعُوانِيَّة  Cerastes cerastes و العَقْرَباءُ الخُماسِيَّةُ الخُطوط Leiurus quinquestriatus.
وقد تم الاحتفاظ بثمانين بالمئة 80% من العوامل المثبطة لانحلال الدم في سائل طافِ بحجم قدره
 5,000 x g 30 min
وقد نجى 60% من الفئران الذين تناولوا التمر وتم حقنهم بـ LD100 من الفئة C من سم الأفعى. ولم يتم ملاحظة أي تفاعل بين مضاد السم و السم المعالج بالتمر.

فالملاحظ أن الباحث قالم بالتجربة على الفئران، لكن "الباحثون المسلمون" نقلوا أن البحث قد تم على متطوعين، ولا أعلم إن كانت الفئران قد تطوعت أم لا في الحقيقة. ولم تذكر الخلاصة عموما أي من التفاصيل التي تم ذكرها في الخلاصة التي نقلها "الباحثون المسلمون". 

ثالثاً- أين البحث الأصلي؟

لم أستطع إيجاد البحث الأصلي، وكل ما وجدته هو فقط استشهادات بالبحث دون الخوض في تفاصيله الحقيقية! ولا أستبعد أن "الباحثون المسلمون" نقلوا بحثاً آخر أو أنهم فقط اشتبهوا. ولكن ماذا عن المجلة التي نشرت البحث؟
في الحقيقة فالمجلة قد توقفت عن نشر الأبحاث من عام 1999 (المصدر). لاحظوا الصورة في الأسفل.


خلاصة الموقف:

  • خلاصة البحث منقولة عن موقع Research Gate، وهذا موقع أشبه بفيسبوك للباحثين حيث ينشرون أعمالهم فيه. 
  • لا يمكن الوصول للبحث الأصلي أساساً.
  • الخلاصة التي نقلها الباحثون المسلمون تختلف عن الخلاصة التي وجدناها. 
  • الخلاصة تقول أن البحث يتحدث عن فئران بينما الباحثون المسلمون يتحدثون عن "متطوعين".
  • لا يمكن الدفاع عن الإسلام ولا عن نبيه بهذه الطريقة، فالخطأ في هذه الحالة قاتل.

وبالتالي فأنا شخصياً لا أستطيع الثقة بنتائج هذا المقال ما لم اطلع على الدراسة الأصلية والدراسات المشابهة وإلا فنحن فقط نحاول اثبات صحة حديث بالتدليس على العلم والعلماء.