الأحد، 30 أكتوبر 2016

الحجاب: بين العنصرية والستر

بسم الله الرحمن الرحيم

خلاصة الموضوع
الحجاب فرض على الحرائر لا الإماء، والأمة المغرية الجذابة يجب فرض الحجاب عليها. 

قراءة ممتعة

تكتسب قضية الحجاب طابعاً حساساً في المجتمعات الإسلامية، حيث يرتبط الحجاب بمفاهيم العفة والإيمان والالتزام. إلا إن القراءة المتأنية في نصوص الحجاب تكشف أموراً لا أخلاقية بمقياسنا اليوم. فالحجاب في ذاته أداة لتمييز الأحرار من العبيد، وهو في أضعف الإيمان واجب على المرأة الحرة، ولكنه ليس إلزامياً على الأمة "العبدة". 

ومن هذا المنطلق، فإن النظر للحجاب يجب أن يتغير. يجب كشف حقيقة النصوص وفهمها التاريخي، وترك الخيار للمرأة كيف تفهم. وبرأيي فإن من الأفضل الآن التمسك بالحجاب لا لكونه فرض ديني، ولكن لأنه أمر اجتماعي. والآن لنبدأ في سبر قضية الحجاب حسب فهم الفقهاء لها.  وسنبدأ مع مدرسة الإمامية الإثنا عشرية (الشيعة). 

يذهب الإمامية إلى عدم لزام الحجاب على العبدة، ولكنهم لا يقولون بمنع العبدة من الحجاب. فهذا مركز الأبحاث العقائدية يقول:

أما لزوم الحجاب والتستر على الحرائر دون الاماء في الآيات الكريمة فليس بمعنى عدم مشروعية الحجاب للأمة وحرمة الحجاب عليها, فهذا لم يقل به قائل من فقهاء الامامية, [....] وانما مؤدى الآيات هو قصر الوجوب على الحرائر دون الإماء, وذلك لكون الاماء في الغالب انما استعبدت بسبب الكفر كي تمر بيئة مسلمة تربوية تتعرف فيها على الدين والإيمان, ومع كونهن في الغالب من الكافرات فالخطاب الديني كيف يتوجه اليهن, فالمشروعية للحجاب عام لكل من الحرائر والاماء الا ان اللزوم هو على الحرائر كمسؤولية أشد لارتفاع المستوى التربوي فيهن .

وهذا الكلام محصور في الحياة العامة.. أما في حالة الصلاة، فلا يجب عليها الحجاب ويجوز كشف الرأس والعنق. وقد قال هذا موقع آية الله السيستاني:


[ 1259 ] مسألة 7 : الامة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنى والمستثنى منه ، ولكن لا يجب عليها ستر رأسها ولا شعرها ولا عنقها 

أما مدرسة السنة فقد انقسمت بين من يفرض الحجاب مطلقا، وبين من يقول بعدم وجوب الحجاب وكل لديه حجته، وهذا نقاش حول هذه القضية من موقع أهل الحديث أنقله لكم:

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع المجلد الثاني 

الأَمَةُ - ولو بالغة - وهي المملوكة، فعورتها من السُّرَّة إلى الرُّكبة، فلو صلَّت الأَمَةُ مكشوفة البدن ما عدا ما بين السُّرَّة والرُّكبة، فصلاتها صحيحة، لأنَّها سترت ما يجب عليها سَتْرُه في الصَّلاة.

وأما في باب النَّظر: فقد ذكر الفقهاءُ رحمهم الله تعالى أن عورة الأَمَة أيضاً ما بين السُّرَّة والرُّكبة(1)، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله في باب النَّظر عارض هذه المسألة(2)، كما عارضها ابن حزم في باب النَّظر، وفي باب الصَّلاة(3)، وقال: إن الأمة كالحُرَّة؛ لأن الطَّبيعة واحدة والخِلْقَة واحدة، والرِّقُّ وصف عارض خارج عن حقيقتها وماهيَّتها، ولا دليلَ على التَّفريق بينها وبين الحُرَّة.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، قـال تعالى فيهن: ) فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) (النور: من الآية60)، يقول: وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر.



وعلَّل ذلك بتعليل جيِّدٍ مقبولٍ، فقال: إن المقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكان لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء. وقوله صحيح بلا شكٍّ، وهو الذي يجب المصير إليه.


وأنقل من إسلام ويب أيضا:


قال شيخ الإسلام في الفتاوى: قوله قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} الآية، دليلٌ على أن الحجاب إنما أمر به الحرائر دون الإماء. لأنه خص أزواجه وبناته، ولم يقل وما ملكت يمينك وإمائك وإماء أزواجك وبناتك. ثم قال: {ونساء المؤمنين}. والإماء لم يدخلن في نساء المؤمنين، كما لم يدخلن في قوله {نسائهن ما ملكت أيمانهن} حتى عطف عليه في آيتي النور والأحزاب....إلى أن قال: فهذا مع ما في الصحيح من أنه لما اصطفى صفية بنت حيى، وقالوا: إن حَجّبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، دَلّ على أن الحجاب كان مُختصّاً بالحرائر. وفي الحديث دليلٌ على أن أموّة المؤمنين لأزواجه دون سراريه. انتهى. 
وقال كذلك: والحجابُ مختصٌّ بالحرائر دون الإماء، كما كانت سُنّةُ المؤمنين في زمن النبي وخلفائه: أن الحُرَّةَ تحتَجِبُ، والأَمَة تبرُز. وكان عمر إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: أتتشبهين بالحرائر؟.انتهى

وبهذا نجد أن الفكرة من الحجاب لدى الفقهاء تدور حول الخوف من الفتنة، وبالتالي فالحجاب نوع من الحاجز الجنسي وليس أمراً دينيا بالنسبة للأمة. وهذا يقودنا إلى خلاصة مهمة:

الحجاب في ذاته غير مطلوب من الأمة إلا إن كانت جميلة ويُخاف الافتتان بها. والأهم من هذا فلم يثبت أن على الأمة التحجب، وقد علل ابن تيمية رحمه الله أن سبب التجب هو الافتتان، والكلام أعلاه يثبت هذا. 

التحول للسلطة الذكورية يظهر جليا في سلوك الفقهاء بفرض الحجاب على الإماء. ولا أريد أن أدخل رأيي الشخصي كليا، ولكن لأجل اتساق الموضوع يجب أن أفعل هذا. فأنا أرى أن الفقهاء تعاملوا مع الإماء معاملة الرجل الغيور على نساءه وقالوا بأن المجتمع سيفتتن بالإماء التركيات الجميلات. 

دمتم بود




















الإسلام الطقوسي والاقتصاد

بسم الله الرحمن الرحيم يعيش اليوم الإسلام الطقوسي مرحلة حرجة تقوده باختصار لاختراع الاحكام الشرعية اختراعاً عن طريق استقطاع النصوص وال...