بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم سنتكلم عن إكتشاف جديد في البروتينات الناتجة من تشفير نوع من الجينات والمعروف بـ:
Small Open Reading Frames (smORFs)
هذه الجينات، موجودة لدى الإنسان وذبابة الفاكهة فقط ولم يتم إيجادها لدى باقي الكائنات، وهي موجودة في مناطق داخل الجينوم البشري كانت تعتبر غير فاعلة، أي بمعنى آخر "حمض نووي نفاية".
هذا الاكتشاف يهدد عقيدة التطور حول الجينات والحمض النووي.
قراءة شيّقة
حتى وقتٍ قريبِ، كان من الصعب التعرف وتحديد الآلاف من المناطق الصغيرة القادرة على تشفير البروتينات في الجينوم البشري، والمعروفة بـ Small Open Reading Frames أو smORF’s. والآن، تتلقى هذه المناطق الانتباه اللائق بها لدورها البيوكيميائي الذي تلعبه في الخلية – فهي التي تجعل قلبك "ينبض" مثلاً.
في الدراسة الحالية والمنشورة في Science وجد الباحثون اثنين من الـبروتينات التي تم تشفيرها (أي تم كتابة شفرتها) بواسطة الـsmORF في جينوم ذباب الفاكهة. هذان البروتينان يتكونان من 28 إلى 29 حمض أميني، ولهما دوراً في تنظيم نقل الكالسيوم وإدخال الكالسيوم في العضلات وخلايا القلب (مرجع 1). وبالاستناد إلى الشكل البروتينين الثلاثي الأبعاد، ووظيفتهم في الذباب، وجد الباحثون نظيرين لهذين البروتينين في الإنسان، وقد وجدوا أن هذين البروتينان يشتركان في عملية امتصاص الكالسيوم، وفي عملية عضلة القلب أيضاً.
وبالاستناد على الشكل الثلاثي الأبعاد لهذين البروتينين، ادعى الباحثون أن بروتينات الـsmORF الموجودة في الإنسان، قد تطورت من الـsmORF الموجود في الذبابة في فترة تمتد 550 مليون سنة، بالرغم من حقيقة أن سلسلة الحمض النووي التي تقوم بتشفير هذه البروتينات تختلف لدى الإنسان عن تلك لدى الذباب في الواقع. وقد كشف مؤلفو هذا البحث عن هذا التناقض بدفنه في منتصف التقرير الذي نشروه بقولهم: "لقد بحثنا عن حِفظ لهذه الـsmORF في الأنواع الأخرى، باستخدام تقنية
Basic Local Alignment Search Tool (BLAST)
وتم التعرف على هذه الجينات فقط في نوع آخر من ذباب الفاكهة – صفحة 1118 – " (مرجع 1). وبكلمات أخرى، فإن سلسلة الحمض النووي لهذه الـsmORF محددة فقط لذباب الفاكهة ولم تُظهِر أي علاقة تطورية مع الإنسان أو أي مخلوق آخر. وهكذا، ولكل الغايات العملية، فإن القصة التطورية القائمة خلف هذا الاكتشاف ليست إلا أمراً ثانوياً.
معظم البروتينات التي تنتج في جينوم الإنسان تتكون من حوالي 500 حمض أميني بالمعدل. والبروتينات التي تكوّنها الـsmORF تتكون من 10 إلى 30 حمض أميني، وقد تم إيجادها بالصدفة خلال دراسة الطفرات في الجينات. وقد قال الفيسيولوجي الشهير "آلان ساغاتيليان Alan Saghatelian" من جامعة هارفارد (وهو ليس شريكاً في تأليف الدراسة الحالية): "هذه الأمور قد سقطت من خلال شقوق في خوارزمية إيجاد الجينات التقليدية، وأكثر الأشياء التي نعرف عنها تم اكتشافها بالصدفة." (مرجع 2).
المثير للاهتمام، أن الجينات المرتبطة بالـsmORF والتي تحتوي على أجزاء تقوم بتشفير هذه البروتينات الصغيرة (وتعرف بـ: long non-coding RNAs: lncRNAs)، يتم تنظيمها بشكل معقد (أي تلك الجينات) ولديها وظائف متعددة مؤثرة. (مرجع 1). تحتل هذه الجينات مناطق من الجينوم كانت تُظن على أنها ليست إلا حمض نووي نفاية. وعلى كل حال، فهذه الجينات قد وجِدَت متخصصة بشكل عالي في كل من الخلايا والأنسجة، وتقوم بتشفير جزيئات تنظيمية أخرى مثل Micro RNAs (وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في مقالنا: مسمار آخر في نعش العقيدة الداروينية). بعض الـ lncRNAs تتحد مع أنواع عديد من البروتينات لصنع أنواع مختلفة من الآليات الخلوية المهمة، وتعتبر لاعباً أساسياً في عملية تعديلات الوراثة فوق الجينية في التحكم بوظيفة الجينات (مرجع 3). والمذهل أيضاً أن الـ lncRNAs تم إثبات دور مهم لها في عملية إصلاح الـحمض النووي، وتموضع الثلاثي الأبعاد للكروموسومات في النواة، والاستقرار الكلي والفعالية للجينوم (مرجع 4) (مرجع 5).
بما إنه لا وجود لعلاقة تطورية مبنية على سلسلة الحمض النووي بين الإنسان وذبابة الفاكهة كما تبيّن من البحث، فإن الخبر الأكثر أهمية عن هذا الاكتشاف هو أن هذه الكشوف المتتابعة حول التصميم والفعالية لأجزاء الحمض النووي التي كانت تعتبر عبارة عن نفاية، فإن هذه الكشوف وببساطة تقوم بإلغاء الإطار الفكري التطوري حول الـحمض النووي النفاية.
وللمزيد من مواضيعنا حول خرافة الـ Junk DNA تفضلوا بمراجعة مقالاتنا الأخرى التالية:
المراجع:
1.
Magny, E. et al. 2013. ConservedRegulation of Cardiac Calcium Uptake by Peptides Encoded in Small Open ReadingFrames.Science. 341 (6150): 1116-1120.
2.
Yong, E. Hidden Treasures. The Scientist. Posted on
the-scientist.com August 22, 2013, accessed September 20, 2013.
3.
Rinn, J. L. and H. Y.
Chang. 2012. Genome Regulation by Long Noncoding RNAs. Annual Review
Biochemistry. 81:145–166.
4.
Ohsawa, R. J. H. Seol, and
J. K. Tyler. 2013. At the intersection of non-coding transcription, DNA repair, chromatinstructure, and cellular senescence. Frontiers in Genetics.
4 (36). doi:10.3389/fgene.2013.00136.
5. Kastenmayer JP, Ni L, Chu A, Kitchen LE, Au WC, Yang H,
Carter CD, Wheeler D, Davis RW, Boeke JD, Snyder MA, Basrai MA. Functionalgenomics of genes with small open reading frames (sORFs) in S. cerevisiae. Genome Research. 2006 Mar;16(3):365-73.